أجل، لا يخيف أصحاب الحركة الصهيونية التهويل من بعيد والجعجعة، بل الشيء الحقيقي الذي يخيفهم هو الموت. ولو وجد في سوريا رجل فدائي، يضحي بنفسه في سبيل وطنه ويقتل بلفور، لكانت تغيرت القضية السورية من الوجهة الصهيونية تغيراً مدهشاً. فإن الصهيونيين عندما يرون أن واعدهم بفلسطين قد لقي حتفه يعلمون أنهم يواجهون ثورة حقيقية على أعمالهم الغير المشروعة، ويوقنون أن سوريا مستعدة للمحافظة على كل شبر من أرضها بكل ما لها من القوى وما لديها من الأسلحة العصرية والقديمة.
هنا نرى أنه لا بد لنا من العودة إلى تكرار ما قلناه سابقاً عن الاعتماد على القوة المنظمة لا على الضعف المنظم. فكل أمة تريد أن تحافظ على كيانها المستقل، يجب أن تعلم أن ذلك يتوقف على استعدادها هي لدفع كل اعتداء بكل ما لديها من الوسائل والممكنات. المحافظة على كيان أمة ما علم حربي من الطبقة الأولى، كما أنه علم سياسي من الطبقة الأولى، وبدون الاعتماد على هذين العلمين يكون كل تعب للمحافظة على الحرية والاستقلال، أو لنيل الحرية والاستقلال، باطلاً.
كنا، ولا نزال، وسنظل نقول إنه لا خلاص لنا إلا بالقوة المنظمة. فنحن ندعو إلى تنظيم جمعياتنا وأحزابنا، الجهرية والسرية، وجعلها كلها تسير على هذه القاعدة التي برهن التاريخ أنها أفعل القواعد في المحافظة على حقوق الأمم وحياتها الاستقلالية. ولو كان عندنا أحزاب وجمعيات قوية تسير على هذا المبدأ لكانت حالنا على غير ما هي عليه الآن.
مرحلة ما قبل التأسيس

