في خطوة تُعدّ الأخطر على صعيد المنظومة التشريعية الإسرائيلية، أقرت لجنة الأمن القومي في الكنيست، بالقراءة التمهيدية، مشروع قانون يتيح تنفيذ حكم الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين ومن تصفهم سلطات الاحتلال بالإرهابيين”. وجاء هذا القرار عقب اجتماع طارئ عقدته اللجنة يوم الإثنين، ليُحال مشروع القانون بعدها إلى الهيئة العامة للكنيست لاستكمال مساره التشريعي.
وعقب التصويت، لم يتوانَ وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير عن توجيه شكره لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ـ المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب ـ على دعمه الكامل لهذا القانون، معتبراً إياه «ضرورة أمنية».
تفاصيل القانون: إعدام إلزامي بلا صلاحيات قضائية
وفق الإعلام العبري، تنص المذكرة التفسيرية للمشروع على فرض عقوبة الإعدام إلزاماً بحق أي فلسطيني يُدان بتنفيذ عملية قتل ذات دوافع قومية أو تستهدف كيان الاحتلال، دون منح القاضي أي هامش تقديري في الحكم. كما يتيح المشروع تنفيذ الإعدام بأغلبية القضاة، ويمنع تخفيف العقوبة بعد صدور الحكم النهائي.
وكان بن غفير قد صرّح سابقاً: «لا يجب السماح للقضاة بالتدخل أو إبداء الرأي في هذا القانون»، في إشارة واضحة إلى نزع أي أبعاد قضائية لصالح نهج عقابي انتقامي مطلق.
حملة ممنهجة لإضفاء شرعية على الإعدامات
مشروع القانون ليس جديداً؛ إذ طُرح مراراً خلال السنوات الماضية، آخرها عام 2022، قبل أن يتم التصويت عليه بالقراءة التمهيدية العام الماضي.
ويؤكد المحامي خالد محاجنة، ممثل هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، أن هذا القانون «يشكل تتويجاً رسمياً لسياسات الإعدام
والتعذيب والإخفاء القسري التي تُمارس يومياً داخل السجون والمعسكرات الإسرائيلية».
انتهاكات ممنهجة: تعذيب، تجويع، وإعدامات خفية
منذ 7 أكتوبر، يعيش الأسرى الفلسطينيون ـ وخاصة من غزة ـ أوضاعاً إنسانية كارثية تتضمن:
تعذيب بدني ونفسي ممنهج
تجويع متعمد
إهمال طبي أدى إلى انتشار الأمراض والوفيات
حالات اغتصاب وتنكيل جنسي
تفشي الأوبئة داخل مراكز الاعتقال
ويشير محاجنة إلى استشهاد أكثر من 80 أسيراً معروف الهوية حتى الآن، مع وجود آلاف المخفيين قسرياً يُعتقد أنهم قضوا تحت التعذيب أو الإهمال الطبي داخل السجون والمعسكرات،
بمشاركة طواقم طبية إسرائيلية.
تشريع القتل: من ممارسة سرية إلى قانون معلن
بحسب محاجنة، الاحتلال لم يكن بحاجة لقانون رسمي ليمارس القتل؛ فالإعدامات كانت ولا تزال تنفذ ميدانياً داخل المعتقلات. الجديد في هذا القانون هو منح هذه الجرائم غطاءً تشريعياً رسمياً يكرّس الإفلات من العقاب ويحوّل الإعدام والتعذيب إلى سياسة دولة معلنة بدل أن تكون جريمة مستترة.
مخاطر دولية وأخلاقية
يحوّل القانون الممارسات الإجرامية إلى نهج قانوني، ويُدخل إسرائيل رسمياً في دائرة الدول التي تعتمد عقوبة الإعدام على خلفيات سياسية وقومية، في خرق واضح للقانون الدولي والاتفاقيات الخاصة بحماية الأسرى.
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه:
هل يكتفي المجتمع الدولي بالمشاهدة أم ستُتخذ خطوات لمحاسبة الاحتلال ومنع تقنين جرائم الحرب ضد الأسرى الفلسطينيين؟
ـ نشر العربي المستقل
ميسم بوتاري

