لبنان والمشروع الوطني الجامع

في هذا المفصل التاريخي الدقيق، تبدو الحاجة أكثر إلحاحاً إلى مشروعٍ وطنيٍّ جامع يُعيد للبنان مكانته ودوره في المعادلة، بعيداً عن ارتهان القرارات الوطنية للخارج ومصالح قوى الاستعمار بصورته الجديدة. فالمشروع الوطنيّ الحقّ لا يُبنى على شعاراتٍ آنيةٍ أو مصالحَ فئوية، بل على رؤيةٍ استراتيجية تربط بين إعادة تأسيس الدولة من الداخل، وبين موقعها الطبيعي في مواجهة المشروع الأميركي–الصهيوني الذي يسعى إلى تفكيك المشرق وإخضاع إراداته الوطنية.

إنّ لبنان، بما يحمل من إرثٍ مقاومٍ ووعيٍ قوميٍّ، مدعوٌّ اليوم إلى استعادة بوصلته التاريخية: سيادة القرار، وعدالة النظام، ووحدة المصير مع محيطه القومي. فإعادة بناء الدولة ليست مجرّد ورشة إصلاحٍ إداريّ، بل فعلُ مقاومةٍ بحدِّ ذاته، يُعيد إلى الدولة معناها السياديّ، وإلى الشعب ثقته بقدرته على صناعة المستقبل.

إنّ المشروع الوطنيّ المنشود هو مشروعُ استنهاضٍ لا استسلام، مواجهةٍ لا مهادنة، يقوم على صون الهوية والكرامة والسيادة، ورفض الإملاءات الأجنبية بكل أشكالها، ليبقى لبنان وطناً فاعلاً في معركة تحرّر الأمة من الهيمنة، وشريكاً في صناعة شرقٍ جديدٍ يقوم على العدالة والكرامة، لا على التبعية والاستسلام.

احمد الايوبي