تمخّضت الولادة التاريخية في فجر الأوّل من آذار في يوم قسم الزعيم وولادة الوعي القومي، جاء آذار ومعه فتى الربيع الذي سكّن أوجاع التاريخ، وطمأن تخبّط الجغرافيا، ومسح تجاعيد وجه سورية، وأعاد رسم ملامحها بألوان الخير والحقّ والجمال، وشحّذ همّة سواعد الجبابرة، وأحيا الدماء في عروق شعب أنهكته ظلمات القهر والمؤامرات والاحتلال والأنظمة الرّجعيّة المرتهنة.
منذ تلك اللحظة ونحن ماضون في الصّراع نخوض حرباً لا هوادة فيها بمناقبيّةٍ قوميّةٍ اجتماعيّة وببطولةٍ مؤيّدة بصحّة العقيدة. إنّ نهضتنا مستمرّة بديمومة الزمان وولادتنا متجدّدة في كلّ آذار ومع كلّ كلمة نطق بها الزعيم إيماناً منّا بفكره وعقيدته، وإنّنا اليوم وفي هذا الزمن الصّعب ووفقاً للظّروف الّتي يعيشها شعبنا على أراضي الأمّة كافّة، حيث يفرض سعاده نفسه حاجةً ومنقذاً لحاضرنا ومستقبلنا بفكره الّذي يحلّ قضايانا ومسائلنا وأزماتنا.
لطالما كان حزبنا حزب خارجاً عن النمطية في بلادنا، حزب يسعى إلى غايةٍ واضحة الملامح، عظيمة المبادئ، ذات ثوابت في النضال والصراع، يصبو لانتشال أبناء شعبنا من حالة البلبلة والتّخبّط والانهزام، وإنشاء الإنسان الجديد بنفسية أصيلة متميّزة ومتحضّرة. وقد أثبت كلّ قوميّ وعند كلّ منعطف تاريخيّ إنّه حقّاً الإنسان الجديد الذي يمارس البطولة في جميع مناحي الحياة ولا يخاف الحرب وبإيمانٍ راسخ في كلّ أشكال المقاومة ضدّ أيّة آفّة موجودة في المجتمع.
إنّ مستقبلنا المشرق لن تنطفئ شمسه ولن تضيع هُويّته وشخصيّته، فالشام ستظلّ عصيّة على محاولات كسرها وإرضاخها. وستبقى جبهةً في المقاومة والصمود مهما حاول الإرهاب التّكفيريّ والإرهاب الاقتصاديّ إغراقها سواء بالدّمّ أو بالفقر.
لبنان جبل الأرز الصّامد الأخضر سيتجاوز محنته ولن يكون جسراً وخاصرةً رخوةً لمحراب العدو يضرب بها محور المقاومة.
فلسطين الّتي تزهر كالرّبيع بدماء براعمها الذين ما يزالون متمسكين بانتمائهم لأرضهم، ثابتين على المقاومة بعمليّاتهم البطولية التي تضرب عمق الكيان الصّهيونيّ.
عراقنا الذي يناضل في سبيل استرجاع قوّته وعافيته لينهض ويقوم بدوره الرّائد في دعم باقي كيانات الأمّة بثرواته وانتمائه القوي.
الأردن وشعبه الأصيل الذي يرفض كلّ أشكال التّطبيع والاتّفاقيّات المهينة مع العدوّ “الإسرائيليّ”.
إنّ تكامل كيانات الأمّة ووحدة الحياة ليس مشروع رفاهيّة بل هو أكبر مشروع للمقاومة والطّلقة الأخيرة في صدر المؤامرات والسّرطان “الإسرائيليّ”.
إنّ تواجد حزبنا ضرورةً موضوعيّة لتأكيد وتحقيق حتميّة الانتصار، وذلك بسعينا إلى دور أفعل في الوصول إلى الشّعب وتوسيع مساحة الفعل المقاوم على كافّة المستويات. الحزب الّذي واجه سايكس – بيكو قديماً سيواجه كل سايكس – بيكو جديد يهدف إلى تفتيت المنطقة على أساس طائفيّ مذهبيّ إثني، وذلك من خلال العمل على تحصين المجتمع وتحويله لمجتمع مواجهة ضدّ الاحتلال والإرهاب، واسترجاع حيويّة الحزب على أساس عقيدته الّتي تقوم على مقاومة يهود الداخل والخارج، والبدء عمليّاً بالعودة إلى ساحِ الجهاد والتّصدّي لثقافة الاستسلام ومقاومة التّطبيع ضمن محور المقاومة.
عبر عقود الحزب التي قاربت التسعة لم يرِق حزبنا للكثير، قضّ مضاجعهم مراراً وتكراراً، فحاولوا تمزيقه ظنّاً منهم أن انقسام الحزب على ذاته وانشقاق فئة منه واللعب على جرّه إلى حمّام الدّمّ سيطوي ملفّه ويجعله لقمةً سائغةً لصفحات التّاريخ، لذلك نحن مصرّون على عدم المساومة على إرادة القوميّين الّذين هم مصدر السلطات. وبعد السّنوات الطويلة الّتي تمّ خلالها اختطاف الحزب لمصالح شخصيّة ضمن لعبةٍ قذرة، لن نسمح بتجيير الحزب لمصالح شخصيّة أو موقعٍ وزاريّ هنا أو مقعد نيابيّ هناك وبيع أصوات القوميّين لمن يدفع أكثر، ولن تكون إلّا إرادة القوميّين هي النّافذة.
الوحدة الحقيقيّة هي وحدة القوميّين ومشاركتهم والتفافهم حول مشروع إعادة بناء الحزب واسترجاع حيويّته بالعودة إلى ساح الجهاد وريادته للمقاومة وورشة الإصلاح التشريعية والإداريّة والتثقيف الفكريّ، فالوحدة لا تكون بدعم من تمرّد على إرادة القوميّين وإرضائه، وإنّ التّشكيك بالمؤسّسة الشّرعيّة وخلق مناخات إحباط لن يجعلنا نرضخ لدعوات الوحدة الوهمية، فالوحدة هي وحدة الصّفّ الحزبيّ وليست وحدة انضمام من نال مكاسب على حساب الحزب وحقّق مصالحه الشّخصيّة.
إن السوريّين القوميّين الاجتماعيّين لا يعملون لمصلحتهم الشّخصيّة ولا حتى لمصلحة حزبهم، بل إن محطتهم لا تقف عند مجده، ولكنها تتعدّى إلى مصلحة سورية الّتي هي فوق كلّ مصلحة. هم الطليعة الرائدة لحماية الوطن ووحدة الأمّة ومجدها، وهم القضاء والقدر الحتميّ والحتمية هي حتميّة الانتصار.
رئيس المجلس الأعلى عامر التل