لماذا نحتفل بالأول من آذار

    إن الأول من آذار ليس يوماً نحتفل فيه بمولد شخص عادي، إنما هو احتفال بولادة زعيم أمة، ففي هذا اليوم تجسدت معاني الحياة، وتظهرت حقيقتنا كأمة لا تقبل القبر مكاناً لها.

    نحن لا نحتفل بولادة شخص ولد في هذا التاريخ، بل نحتفل بولادة أنطون سعاده الزعيم، سعاده الحرية والحياة، باعث نهضة أمتنا، ونرى فيه انبثاق فجر أمة أصبحت تعرف هويتها، فتكونت حقيقتها، فخرجت من التخبط والبلبلة والتفسخ الروحي، إلى عقيدة جلية صحيحة واضحة تعبّر عن جوهر نفسيتنا، ولأننا نعتبره يختزن وجدان الأمة السورية، وكل معاني الوعي والعز.

    في الأول من آذار عام 1935، قام بعض الرفقاء بزيارة سعاده، في منزله في منطقة رأس بيروت، وقدموا له باقة ورد في هذه المناسبة، وبعد أن حدثهم عن القضية والأمة، قام وأدى أمامهم قسم الزعامة، فوقف نفسه على أمته ووطنه، وأقسم أن يكون أميناً للمبادئ وغاية الحزب وأهدافه، ومنذ ذلك اليوم أصبح هذا العيد عيداً قومياً يتبادل فيه القوميون معايدات العز والنصر،  ويحتفلون فيه بولادة القضية التي أوجدها سعاده، ليجددوا الالتزام بقسمهم على ذلك الأمر الخطير الذي يساوي وجودهم، ويؤكدون على السهر على مصلحة الحزب، واحترام حضرة الزعيم وسلطته.

    نحتفل في الأول من آذار، لأننا بذلنا ونبذل أنفسنا أفراداً في سبيل تحقيق المبادئ التي في تحقيقها تحقيق لحياة الأمة، وليس أن المبادئ مستقلة عن الأمة خارجة عنها لا علاقة ولا صلة لها بها، وأننا من أجل هذه المبادئ بذاتها، وليس لأنها تعني حياة الأمة، مستعدون للتضحية، لقد نقضنا حكم التاريخ وابتدأنا تاريخنا الصحيح، تاريخ الحرية والواجب والنظام والقوة، تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، تاريخ الأمة السورية الحقيقي، وبدأنا بتدوين تاريخ جديد لأمة تنهض لتخرج من التناقض والتضارب، لتكون أكثر وضوحاً وجلاءً وصراحةً، نظرة واضحة، فاهمة وواعية، وأصبحنا جماعة مؤمنة بحقيقتها وطبيعتها وأساسها، مؤمنة بأنه لا يمكن أن يكون في حقيقتها وطبيعتها إلا الحق والخير والجمال، فكل عقيدة عظيمة تضع على أتباعها المهمة الأساسية الطبيعية الأولى التي هي، انتصار حقيقتها وتحقيق غايتها، وكل عقيدة يصيبها الإخفاق في هذه المهمة تزول ويتبدد أتباعها، نحن حركة مهاجمة تأتي بتعاليم جديدة تهاجم بها المفاسد والفوضى، ونحن طغاة على المفاسد، لم نحارب ولا نحارب من أجل أن تكون لنا ولغيرنا حرية فوضوية تخدم لذات الأفراد المرضى في نفوسهم، بل حاربنا ونحارب من أجل تحقيق قضية واضحة وإقامة نظام جديد.

    إننا نحيي الأول من آذار، لنحتفل بتعاليم سعاده، ومبادئ حزبه، لأن مبادءنا القومية الاجتماعية قد كفلت توحيد اتجاهنا، ونظامنا قد كفل توحيد عملنا في هذا الاتجاه ونحن نشعر أن التغيير يفعل الآن فعله الطبيعي، لأن نظامنا لم يوضع على قواعد تراكمية ، إننا لا نجمع أعضاء كيفما اتفق، لإن قواعد التراكم هي من قواعد الجماد لا من قواعد الحياة، ونحتفل أيضاً بهذا العيد لأننا نستمد مُثلنا العليا من نفسيتنا ونعلن أن في النفس السورية كل علم وكل فلسفة وكل فن في العالم.

 بهذا الإيمان نسير وإلى الغلبة يجب أن نسير.

لتحيى سورية وليحيى سعاده

محمد جميل عليان