حول مشروع «الولايات المتحدة السورية»

يُخيل للكثيرين اليوم ان انطون سعادة اخترع مشروع «سورية الطبيعية» (وبالطبيعية يقصد «الجغرافية» نسبة إلى طبيعة الجغرافيا السورية)، لكن ما يغفله الجميع انه، كما جيله، ولد ضمن إطار بلاد الشام، أو سورية الطبيعية، ولم يكن لبنان الكبير موجودا قبل العام ١٩٢٠ حين انشأه المستعمرون الفرنسيون والبريطانيون بشكل مصطنع.

وبالعودة الى القرن التاسع عشر، نجد ان سكان فلسطين كانوا يطلقون على بلدهم: سوريا الجنوبية، وهذا التعبير استعمله ايضا الصهاينة بدءا من العام ١٩٠١.

راجع:

A. Garfinkle, «On the Origin , Meaning, Use and Abuse of a phrase». Middle Eastern Studies journal, October, 1991.

لذلك، طالبت أغلبية سكان بلاد الشام بعد اندحار السلطنة العثمانية، أن يبقي الاستعمار الغربي سوريا أو بلاد الشام موحدة. ولقد أكدت لجنة كينغ ـ كراين التي بعثها الرئيس الاميركي ويلسون الى المنطقة عام ١٩١٩ هذا المنحى التضامني والتوحيدي، عدا عن نخبة من المثقفين والكتاب السوريين الذين رفضوا التقسيم وهم يمثلون الاكثرية من جميع الطوائف. فالسنة بمجملهم كانوا قطعا ضد التقسيم. وكذلك المسيحيون الشرقيون والشيعة. ولقد عبروا عن ذلك في كتاباتهم ومواقفهم. حتى ان أحدهم وهو القانوني الكبير، ادمون رباط، عمد الى تأليف كتاب عنوانه «الولايات المتحدة السورية».

“Les Etats  ـ Unis de Syrie”.

ولقد نشر هذا الكتيب عام ١٩٢٥ في حلب، وقبل انتقال رباط الى بيروت.

وفي مطالبته لوحدة سورية يعدد نفس النقاط التي ارتكز عليها سعادة فيما بعد، الا وهي:

أولاً، تحديد مفهوم الدولة ـ الأمة.

ثانياً، هل تمثل سوريا الجغرافية دولة ـ أمة؟

ثالثاً، ما هي العوائق التي تقف في طريق هذه الوحدة؟

ولقد شدد رباط ان العقدة المستعصية امام الوحدة هي الانقسامات والبغضاء الطائفية.