الكلمة، في البدء كانت.. هي الإعجاز في اقرأ، وهي براعة سيبويه سيد اللغة العربية ومرجعها، كل هذا يصبح عاجزا عن إدراك ومقاصد الكلام الذي يرميه سياسيو الغرب علينا في كامل امتنا ومنطقتنا. وهكذا لم تعد الحروب الاستعمارية والسياسة وحدها ما يزرع الشقاق بيننا، بل ان نصوص الكلام صارت السبب.
وإذ تحفل المنتديات ومواقع القرار السياسي بالمشاريع المعدة للمنطقة وأبرزها مشروع السلام «الترامبي» الهادف بالعلن لإنهاء حرب غزة والإبادة الجارية لأهلها، بجهد لغوي يسعى من خلاله إلى تحقيق ما عجز عنه بالحرب على مدى عامين للقضاء على عناد وثبات الفلسطينيين حول حقوقهم، فيأتي بالكلام والسياسة ليحققه
وهكذا يصبح عدم الالتزام بالاتفاق من قبل أهل الأرض وحماتها تبريراً لاستمرار الإبادة وتبرئة لحكومة نتنياهو العنصرية من سلوكها الوحشي بعد تصاعد الإدانات الرسمية والشعبية عالمياً وبعدما تحولت الحكومات الغربية أسيرة شعوبها المطالبة بالتضامن مع أهل غزة، وبعدما اضحى الاعتراف والقبول بدولة فلسطينية، أمراً يشغل الجمعية العامة للأمم المتحدة ويستعجل قيامها رغم أنف الأميركي والإسرائيلي الذي انفض عنه في هذا الأمر معظم دول الأطلسي. علما ان السؤال الواجب هو على أي ارض ستقام الدولة الفلسطينية؟؟
وإذا كان المشروع الأميركي لوقف الحرب، يتضمن بنوداً إنسانية، وكذلك سياسية عاجلة تستوجب الإقرار بعد عامين من الإبادة المستمرة بدعم مالي ولوجستي وفيتو أميركي لعدم وقفها، غير مسبوق، فأن سياسة الكيل بمكيالين، وازدواجية المعايير، لا زالت السمة الأبرز في مضامين هذا الاتفاق.
وتريد واشنطن ان تصوغ من هزيمة الإسرائيلي عن تحقيق أهدافه المعلنة مراراً بإلغاء حماس وجعل اعلان الانتصار العسكري قاب قوسين، نتيجة الحرب المدمرة للبشر والحجر الجارية على ارض غزة وقطاعها الضيق، اتفاقا للسلام انجزه الأميركي مع الإسرائيلي وبغياب كامل للفلسطينيين، أبرز ما تضمنه هذا الاتفاق «مجلس سلام» يرأسه ترامب ومعه انطوني بلير السياسي البريطاني الغني عن التعريف بأدواره المدمرة في منطقتنا من فلسطين إلى العراق.
الاتفاق وأعلان فشل أهداف الحرب هذا، على المقاومة من جهة، هو دون شك محاولة للضغط على المقاومة بحياة ناسها وشعبها المقتول والجائع عبر إلغاء كل دور للبندقية يريد من القطاع ان يعيش تحت ظروف «انتداب» استعماري جديد، يشبه ربما قانون الانتداب الذي فرضه سايكس بيكو على منطقتنا واستعمرها وقسمها، ويعتبره توم باراك المبعوث الأميركي إلى لبنان ودمشق في تصريحاته الكلامية مؤخراً انه هو من صنع حضارتنا!!!
هل يعقل إرجاع حضارة بلادنا إلى مشاريع وخطط الاستعمار الغربي فيما العالم اجمع يعتبرها بلاد نشأة الحضارات، وكان قال عنها أعظم المؤرخين وعلماء الاثار في العالم شارل فيرلو، «لكل إنسان في العالم وطنان وطنه الأم وسورية»
وهذا ما استفز وزير الثقافة اللبناني غسان سلامة ونصحه لباراك بأن يخفف كلامه ويكثف قراءاته عن منطقة تعتبر أم الحضارات في العالم وعمر مدنها المأهولة آلاف السنين، بلاد قدمت الأبجدية والعلوم للعالم اجمع.
كلام الغربيين ومبعوثيه الذين يطلقوه بقصد إهانتنا ليس عن غير قصد فيقول هذا توم أيضاً عن إعلاميي لبنان عبارته الترند إلى اليوم، «بلا حيونة» without animation، ويغرق في تبريرها التابعين المرتهنين، وتمر دون اعتذار منه، بل فقط ببيان رسمي لبناني موارب.
نحن وهذا الغرب الاستعماري الإمبريالي الطامع ببلادنا اليوم مجددا مع ربيبته «إسرائيل» في حرب بالسلاح دون شك ويتطلب تعزيزا لقوتنا بالعلم والتكنولوجيا أيضا، نحن في حرب على المفاهيم أيضاً.
بين الاستسلام والهزيمة لا فرق عندنا وشعبنا واع لهذا الأمر، وإذا كان الكلام اليوم للإعلام المأجور المشوه للحقائق، فأن أساطيل العالم الحر التي وصلت ميناء غزة ويحاصرها العدو، كي لا تدخل المدن وتفك الحصار عن غزة وترى بالعين المجردة ما اقترفت يد العدو من جرائم أخرها، الجوع، فهو أكبر تفسير، كما صراخ العالم المتضامن في ساحات كبرى المدن في العالم رفضا لأي كلام يطمس الحقائق.
هذا الصوت الصارخ الحرية، الحرية لفلسطين Free Free Palestine كل هذا يدفع قوى المقاومة في امتنا إلى عدم الاستسلام والى التفكير مليا بالخيارات والمشاريع الكلامية المطروحة.
وتبقى كلمة تشي غيفارا القائد الأممي الشاب عام 1964 أمام الأمم المتحدة كأقصر خطاب قيل في العالم، ولكنه الأبلغ «الحرية أو الموت» كلام يلتقي مع أنطون سعاده الحياة وقفة عز فقط …. هي الكلمة الفصل لامتنا اليوم.

