خلي بالك من زوزو… الطبقيّة القاتلة في المجتمع العربي!

من يتذكّر فيلم «خلي بالك من زوزو»، هو الفيلم المصري الاستعراضي الشهير الذي عرض على الشاشة الفضيّة عام 1972، وأخذ شهرة واسعة آنذاك.

 لعبت دور البطولة فيه الفنانة سعاد حسني في دور زوزو وحسين فهمي، يعتبر هذا العمل من أفضل الأفلام المصرية على الإطلاق، ويتصدّر قائمة أفضل 100 فيلم مصري في تاريخ السينما المصرية.

استمرّ عرض هذا الفيلم في دور السينما المصرية لمدّة عام كامل ممّا جعله يحقق رقما قياسيا في الإيرادات وحصد شهرة مماثلة في الصالات اللبنانية حيث تهافت آلاف الشباب والشابات لحضوره وكتبت عنه الصحف والمجلات.

 يتناول موضوع الفيلم إلى جانب الاستعراضات والرقص والغناء قضيّة الطبقيّة في مصر حين يقع الشاب الثري الآتي من عائلة الحسب والنسب حسين فهمي في غرام سعاد حسني/زوزو، وهي ابنة راقصة من فقراء الغجر الذين يرقصون ويغنّون في الأعياد الشعبية وفي حفلات الزواج والطهور لقاء بعض القروش ليكسبوا رزقهم.

تبلغ ذروة الفيلم حين تقوم شلّة  الأصدقاء في الجامعة باستدراج والدة زوزو تحية كاريوكا لترقص في حفلة  خاصة أقاموها ليفضحوا زميلتهم زوزو أمام حبيبها حسين فهمي و يعرّضونها للهزء والسخرية ، من أجل تحقير الفتاة المسكينة وإذلالها أمام حبيبها الثري كونها من أصل وضيع وليست من عائلات البرجوازية ، بيد أن زوزو تنتقم من الشلّة الحقيرة في مشهد درامي كبير فتتحزّم بدورها بحزام الراقصة و تنزل الحلبة  لتشارك أمها الرقص ، مظهرة أنها لا تستحي بوالدتها بل على العكس تقف إلى جانبها لتحصيل لقمة العيش في عالم متوحّش كافر ذميم  حيث الفقير يشقى ليأكل و يبقى حيّا !

لماذا استحضر اليوم هذا الفيلم وبعد أكثر من 50 عام على عرضه على الشاشات؟

  لأن المجتمعات في البلدان العربية لم تتغيّر ولم تتطوّر، بل بقيت كما هي، لا بل على العكس تقهقرت وازدادت سخافة وتفاهة وسطحية وفاق الظلم فيها والتفاوت الاجتماعي كلّ الحدود!

 أكثر من ذلك افتقد المجتمع الذوق والحياء والحسّ الإنساني البسيط البديهي وسقطت القيم الى ما دون الصفر، ففي وقت نرى فيه ملايين الفقراء والمنكوبين يفترشون الأرض ويأكلون التراب نرى من ناحية أخرى أثرياء يمعنون في استفزاز الفقير، ويصل البذخ وقلة الحياء بهم، الى أقصى الدرجات واكثرها فجورا وبغاء. لم نشهد ابدا في بلادنا هكذا ممارسات فاقعة وخبيثة ومستفزّة إلى هذه الدرجة. ساهمت وسائل السوشيال ميديا في تعميمها ،ومن ناحية أخرى نرى أناسا يتسوّلون من أجل الحصول على علاجات السرطان وغسيل الكلي ويعيشون في منازل أشبه بالقبور بجدرانها السوداء المتهالكة ، كما لو كنا في عصور ما قبل التاريخ لا ماء ولا كهرباء ، يتسوّلون قوت يومهم من الجمعيات الخيريّة والمراكز الدينية الاجتماعية ، بينما هنالك أثرياء يصرفون ملايين الدولارات على أزيائهم وملبسهم ومأكلهم وحفلاتهم الفاحشة  ويتفنّنون في مصاريف خيالية، صحيح هناك من يتصدق على الفقراء ولا تخلو الدنيا من فاعلي الخير ولكن الاستفزاز الوقح صار جريمة ، كل إنسان حرّ في مصروفه ولكن يا خبثاء استتروا على الأقل !

والمعيب أكثر أن في المجتمع من يبرر بذخه بأنه هدية أو دعاية، كان بعد ناقص أن يفعل مثل ملكة فرنسا ماري انطوانيت التافهة التي قالت للشعب كلوا البسكوت إذا لم تجدوا خبزا. يقال إن هذه الجملة نسبت الى ماري انطوانيت وليست هي من قالها هكذا دائما يأتي من يبرر للطاغية كلامه!

في قصيدة لجبران خليل جبران عنوانها «ماذا تقول الساقية » يقول:

ما الفقير بالحقير ثروة

الدنيا رغيف ورداء!

مع ما يحصل الآن في بلادنا صار الناس بلا رغيف ولا رداء ولا سقف ولا حتى قبور يلحد فيها البريء حسبي الله و نعم الوكيل …