كيان الاعتداءات والحروب. هو الكيان الصهيوني القائم على الاغتصاب والتوسع واحتلال الأراضي وارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين… وقد وصلت اعتداءاته إلى دولة قطر وسابقاً إلى إيران واليمن وغيرهما.
كيان على رأسه رجل يعشق الشر والقتل والدمار. في فترة زمنية قياسية ارتكب بنيامين نتانياهو رئيس وزراء العدو الصهيوني ونفذ في الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقبيل مهاجمة جيشه لإيران في 13 يونيو/حزيران 2025، ما يقرب من 35 ألف هجوم مسجل في خمس دول، وذلك وفق تحليل البيانات من مشروع بيانات مواقع وأحداث الصراعات المسلحة (ACLED). وهذه الدول هي الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان وسوريا واليمن وإيران. واليوم تُضاف إليها قطر.
لم يترك العدو نوعاً من الاعتداء إلا ومارسه. غارات جوية وطائرات مسيرة، وقصف وهجمات صاروخية، وتفجيرات عن بُعد، وتدمير للممتلكات. وقد سُجِّلت غالبية الهجمات على الأراضي الفلسطينية، حيث تم تسجيل 18,235 حادثة على الأقل، تليها لبنان (15,520)، وسوريا (616)، وإيران (58)، واليمن (39).
ولم تتوان «إسرائيل» عن تخطي حدود الكيان المصطنع. ففي حين ركزت معظم هجماتها على غزة والضفة الغربية المحتلة ولبنان، تجاوزت عملياتها العسكرية حدودها المباشرة، ووسّعت المقاتلات «الإسرائيلية» نطاقها بمئات، بل وآلاف الكيلومترات، حيث ضربت أهدافاً على بُعد حوالي 550 كيلومتراً في عمق سوريا، بالإضافة إلى أهداف على بُعد حوالي 1500 كيلومتر في إيران، وأهدافاً في اليمن على بُعد يصل إلى 2000 كيلومتر. وقد وسّعت هذه الضربات بعيدة المدى النطاق الجغرافي للصراع بشكل كبير، مما يُشير إلى تحول نحو انخراط عسكري إقليمي أوسع. فالضربة «الإسرائيلية» في قلب الدوحة هزت المشهد الإقليمي وكشفت عن فصل جديد تبدو فيه «إسرائيل» لا تكتفي بأخصامها بل تضرب وسطاء الحل.
ولا يمكن فصل هذه الضربات عن الدعم الأميركي وسط عدم تحرك العالم للجم سياسات «إسرائيل» العدوانية وعدم اكتراث العدو بالقانون الدولي. وقد أصبحت هذه العمليات ممكنة بفضل أسطول العدو من الطائرات المتطورة التي زودتها بها الولايات المتحدة، بما في ذلك مقاتلات إف-15 وإف-16، بالإضافة إلى طائرة إف-35 القادرة على التخفي، وهي أكثر الطائرات المقاتلة تطوراً في الترسانة «الإسرائيلية».
يميناً ويساراً يوزع نتانياهو اعتداءاته في حفل جنون لم يعرفه التاريخ. فبالإضافة إلى حربه ومجازره في قطاع غزة، تستخدم «إسرائيل» العديد من الأساليب التي استخدمتها في حربها على غزة للسيطرة على أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة. فقد شنت حملة عسكرية واسعة النطاق شملت عدة مدن في شمال الضفة الغربية المحتلة. ووصفتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بأنها «أطول عملية وأكثرها تدميراً في الضفة الغربية المحتلة منذ الانتفاضة الثانية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين».
على صعيد الجنوب اللبناني ورغم دخول وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حيز التنفيذ، والذي بالطبع لم يلتزم به الكيان الصهيوني، خلّفت هجمات العدو دماراً واسع النطاق، وألحقت أضراراً بالعديد من القرى في جنوب لبنان والبقاع وأحياء بأكملها في بيروت.
في سوريا ومنذ 10 ديسمبر/كانون الأول 2024، شنّت «إسرائيل» عمليات قصف جوي دمّرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية العسكرية السورية، بما في ذلك المطارات الرئيسية، ومنشآت الدفاع الجوي، والطائرات المقاتلة، وغيرها من البنى التحتية الاستراتيجية. وخلال الأشهر السبعة الماضية، شنّ سلاح جو العدو أكثر من 200 هجوم جوي أو بطائرات مسيرة أو بالمدفعية في أنحاء سوريا، بمعدل هجوم كل ثلاثة إلى أربعة أيام تقريباً، وفقاً لـ ACLED. واللافت أن العدو الصهيوني قام بشن حملات اعتقال بحق المدنيين معلناً الاستمرار في التمركز غير المشروع في قمة جبل الشيخ والمنطقة العازلة وشريطاً أمنياً بعرض 15 كيلومتراً في بعض المناطق جنوبي سوريا.
أما في اليمن، فقد استهدفت «إسرائيل» البنية التحتية التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، بما في ذلك مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة وعدد من محطات الطاقة. هذه الهجمات، التي تكثفت أواخر عام 2024 واستمرت حتى عام 2025 وحتى الأمس القريب، تهدف إلى إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين في أعقاب هجماتهم الصاروخية والطائرات المسيرة على «إسرائيل» تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.
وفي إيران بدأ العدو الصهيوني مدعوماً من الولايات المتحدة الأميركية في 13 يونيو/حزيران 2025، تصعيداً كبيراً بشن سلسلة واسعة النطاق من الغارات الجوية والطائرات المسيرة في عمق الأراضي الإيرانية. واستهدف مواقع متعددة في أنحاء إيران، بما في ذلك أنظمة ومنشآت عسكرية ومدنية وصناعية وأنظمة دفاع جوي ومستودعات أسلحة وبنية تحتية مرتبطة بقوة إيران الإقليمية وقدراتها الصاروخية. وبلغ عدد الضربات بين 12 و23 يونيو/حزيران حوالي 146 ضربة. وقد يكون العدد الفعلي أعلى.
وأخيراً في دولة قطر قام العدو الصهيوني منذ أيام معدودة بتنفيذ ضربة جوية على قيادة حركة حماس في العاصمة الدوحة تكللت بالفشل في تحقيق أهدافها. وقادت هذه الضربات إلى توالي الإدانات وردود الأفعال المنددة بـ«انتهاك سيادة قطر».
بعد كل هذه الانتهاكات «الإسرائيلية» للدول المجاورة والأبعد جغرافياً يبدو أن «عمليات التوسع الإسرائيلية» بدأت تعمّق عزلة هذا الكيان المتغطرس وسط إدانات عالمية واضحة وجازمة.

