حضر الاردن مرّتين ما سُمّي بلقاء “رمشتاين” في ألمانيا مع أربعين دوله أخرى بقياده الولايات المتحده، معتقداً أنّ اللّقاء المذكور هو ما يتمّ بناؤه بديلاً عن حلف الناتو في المستقبل للمواجهة الساخنة مع روسيا على أرض أوكرانيا حالياً والصين مستقبلاً.
لا أحد يعرف طبيعة المهام التي يمكن أن يقوم بها الأردن ضمن هذا التحالف حالياً وفي المستقبل، ولكن ما ظهر للآن وبحسب جريدة “تلغراف” البريطانية بأنّه سيتمّ سحب 400 دبابة “تشالنجر” البريطانية الصنع من الأردن ،وهو ما يشكّل نصف عدد دبابات الجيش الأردني تقريباً، وإرسالها إلى اوكرانيا ضمن الجهد الغربي لدعم اوكرانيا في مواجهه الجيش الروسي.
هذه الدبابات من الطراز القديم ولن تكون ذات منفعه للجيش الاوكراني سوى تدميرها ومعها زياده الخسائر البشريه للجيش الاوكراني أمام الأسلحة الحديثة للجيش الروسي وتقدمه الحثيث نحو الأهداف المرسومه له.
قبل ذلك، منع الأردن الطائرات الروسية المدنية من عبور الأجواء الاردنية مساهمةً في الحصار الغربي على روسيا ،ولكن روسيا وجدت المبرر للاردن لتلك الخطوه وتفهمتها بعدم قدرة الاردن على مواجهة الضغوط الامريكية الشديدة.
من الصعب التكهن بردة فعل روسيا على هذه الخطوة الاردنية في حال كانت سبباً في إسالة الدم الروسي في اوكرانيا، سوف يكون من الصعب على روسيا فهمها او تبريرها وإيجاد الأعذار للنظام الأردني وموقفه المعادي لروسيا ودعمه للغرب.
من المحتمل أيضاً أن يتمّ تكليف الاردن بمهام استخباراتية في روسيا وخاصه بين مسلمي روسيا وفي مناطق القفقاس والتي يحتفظ فيها النظام ولأسباب تاريخية ودينية بصلات مهمة يمكن أن تسبب ازعاجاً وارهاقاً لروسيا.
النظام الأردني معتاد على الرهانات السياسية الخاسرة طوال العشرين سنة الماضية، وكما في الاقتصاد، ما أوصل أحوال الأردنيين إلى ماهي عليه اليوم من فقر وجوع وبطالة وتراجع في الخدمات، وما يشبه انهياراً للدولة الاردنية، والغريب بأنه لا يبحث في تلك الخيارات الخاسرة ولا يستخلص العبر والنتائج السلبية التي ترتبت عليها ويجري مراجعة جادة لها.
هذا نتاج الارتباط باسرائيل والدخول معها في اتفاقيات اقتصادية وسياسية وجعل الوصاية الهاشمية، الهدف الأسمى للعلاقة مع “إسرائيل” والتي تستغل هذا الشغف للنظام نحو الوصاية الهاشمية على الاقصى باستغلاله وابتزازه ما جعله في عزلة عربية شبه شاملة لم يعرفها الأردن سابقاً ولا ثقة بأي نظام عربي بالسياسة الاردنية بل وحتى من محاذيرها على النظام العربي برمته.
لا يريد النظام الأردني أن يرى بأن العالم يتغير وان هذه فرصته في امتلاك هامش ولو بسيط يتحرك به في مواجهة سياسية جادة تجاه إسرائيل واستغلال نقاط قوة كبيرة امتلكها الاردن في مواجهة “إسرائيل” وتدركها هي جيداً.
يحتاج الاردن أن يترك لنفسه مسافة لحرية الحركة، بدلاً من الارتهان الكامل للغرب، تجاه اشقائه العرب الآخرين والمساعدة في إطفاء الصراعات العربية-العربية والاتجاه نحو تدعيم هذه العلاقات بروح الاخوة والمصالح القومية الشاملة واتخاذ سياسة الحياد في الصراعات الدولية الكبرى ودعم المصالح الوطنيه العليا للشعب الأردني بدل الانغماس فيها بلا طائل سوى الحاق الأضرار بالدوله الاردنية وشعبها.
الذهاب إلى اوكرانيا والمساهمة معها إلى جانب حلف الأطلسي هو خيار لا مكسب لنا منه سوى اكتساب عداوة دولة عظمى مثل روسيا اثبت تاريخها الطويل انها كانت لنا صديقاً وفياً وصادقأ عند مواجهة الأخطار كعرب أو أردنيين.
لا أحد يقدر على ارغامنا على الوقوف ضد مصالحنا والإضرار بها وزجنا فيما يتعارض معها ،ولنا أسوة في المواقف السعودية والاماراتية والتي رغم صداقتها التاريخية مع الولايات المتحده ترفض بإصرار وشجاعة أن تستغلها الولايات المتحدة وتدفعها إلى اتخاذ ما يتعارض ومصالحها الوطنية ويخدم مصالح الغرب.
أحمد فاخر -الأردن