المشروع الإبراهيمي: بين الواقع المُعلن والمخفي وصدامه مع القومية الاجتماعية

ما هو المشروع الإبراهيمي المُعلن؟

1 ـ  الاتفاقيات الإبراهيمية (Abraham Accords):

 ـ هي اتفاقيات سلام وتطبيع علاقات بين إسرائيل وعدة دول عربية (الإمارات، البحرين، المغرب، السودان) ، بدأت عام 2020 بوساطة أمريكية ـ

 ـ تعلن هذه الاتفاقيات عن أهداف مثل: تعزيز السلام في الشرق الأوسط، تشجيع الحوار بين الأديان، دعم التعاون الاقتصادي والتكنولوجي، ونشر ثقافة التسامح ـ

   ـ تُقدَّم هذه الاتفاقيات كخطوة نحو مستقبل مشترك بين شعوب المنطقة على أساس “الإرث الإبراهيمي” (اليهودية، المسيحية، الإسلام) ـ

 2 ـ  شعار التعايش الديني:

 ـ يتم تسويق المشروع على أنه منصة للحوار بين الأديان، ونشر قيم التسامح، وفتح آفاق التبادل الثقافي والاقتصادي كما ـ

 ـ يُروَّج لفكرة “مسار إبراهيم” الذي يربط عدة دول عبر فعاليات ومشاريع دينية وسياحية ـ

: ما هو الجانب المخفي أو غير المُعلن؟

1 ـ  توظيف الدين كأداة سياسية:

 ـ إن فكرة “السلام الإبراهيمي” ليست وليدة صدفة، بل تم تطويرها وترويجها من قبل شخصيات وأجهزة أمنية غربية (مثل ديك تشيني، هيلاري كلينتون) ـ

 ـ المشروع يهدف لإعادة تعريف الهويات في المنطقة على أساس ديني عابر للحدود، وليس قومي أو وطني، ما يسهل دمج إسرائيل في النسيج الإقليمي ويفكك الهويات الوطنية ـ

2 ـ  تجاوز القضية الفلسطينية:

 ـ الاتفاقيات الإبراهيمية تجاهلت حقوق الفلسطينيين، ورفعت شرط حل القضية الفلسطينية كمدخل للتطبيع، ما اعتبره كثيرون خيانة للقضية المركزية للعرب ـ

 ـ حيث تم استبدال المبادرة العربية (2002) التي تشترط قيام دولة فلسطينية، بمسار تطبيعي مباشر يخدم مصالح الأنظمة ويعزل الفلسطينيين ـ

3 ـ  تأمين مصالح الأنظمة السلطوية:

 ـ التحالف مع إسرائيل يُستخدم لحماية الأنظمة العربية من التهديدات الداخلية (ثورات الربيع العربي) أو الخارجية المفتعلة (إيران) ـ

 ـ يُمنح مقابل ذلك دعم عسكري وتكنولوجي أمريكي وإسرائيلي لهذه الأنظمة ـ

4 ـ  إعادة توزيع النفوذ والملكية:

 ـ هناك مخاوف من استغلال قرارات دولية (مثل قرار الأمم المتحدة 1990) ـ الذي يمنح اليهود حق المطالبة بأراضيهم الأصلية إذا قدموا وثائق تثبت ذلك، لهذا سارع اليهود، بعد انهيار النظام السابق، الى القيام بزيارات لسوريا ومطالبتهم ببيوتهم القديمة، ولهذا السبب منع النظام السابق الحفر بالآثار في سوريا خوفا من ظهور آثار يهودية تُستخدم لاحقا للمطالبة بالملكية، ما يهدد السيادة الوطنية ويخلق أزمات ديموغرافية وقانونية ـ

5 ـ  تسليع السلام:

 ـ الاتفاقيات لم تُنهِ النزاعات بل زادت من سباق التسلح، وعمّقت التعاون الأمني والعسكري، ما قد يؤدي لمزيد من التوترات بدلًا من الاستقرار ـ

6 ـ  بين السلام المعلن وفيدراليات السيطرة الخفية

تروَّج الاتفاقيات الإبراهيمية كخطوة سلام وتطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، بهدف تعزيز التعاون، لكن المشروع الحقيقي يتجاوز السلام الظاهري، ويهدف إلى إنشاء فيدراليات إقليمية تُعرف بـ “الولايات المتحدة الإبراهيمية” وهذا أخطر الأهداف ـ   

 ـ هذه الفيدراليات ستكون تحت النفوذ المباشر لتركيا وإسرائيل، اللتين تُعتبران أذرعًا رئيسية لـ”الدولة العميقة العالمية” التي تهيمن عليها شركات عملاقة متعددة الجنسيات ـ   

 ـ اذن الهدف هو السيطرة على الموارد والثروات الطبيعية في الشرق الأوسط، عبر تقسيم المنطقة إلى فدراليات يسهل التحكم بها وإدارتها من قبل هذه القوى ـ   

 ـ ويتم توظيف الدين كغطاء شرعي لهذا التقسيم، بحيث يُقدم على أنه مشروع ديني وثقافي، بينما هو في جوهره مشروع سياسي-اقتصادي استعماري جديد ـ

: تعارض المشروع الإبراهيمي مع القومية الاجتماعية

الهوية القومية مقابل الهوية الدينية:

 ـ القومية الاجتماعية (وفق فكر أنطون سعاده) ترفض اختزال هوية الأمة بعقيدة دينية أو عرقية، وتؤمن أن الأمة وحدة جغرافية-تاريخية-اجتماعية تتجاوز الدين ـ

 ـ المشروع الإبراهيمي يسعى لإذابة الهويات القومية في هوية دينية جامعة، ما يعني تفكيك الانتماء الوطني لصالح انتماء ديني عابر للحدود ـ

2 ـ  رفض التطبيع مع العدو:

 ـ القومية الاجتماعية تعتبر إسرائيل كيانًا استيطانيًا معاديًا، والتطبيع معه خيانة للحقوق القومية والتاريخية ـ

 ـ المشروع الإبراهيمي يشيرالى وجود إسرائيل ويمنحها دورًا قياديًا في المنطقة، على حساب الشعب الفلسطيني وكل الشعوب العربية ـ

3 ـ  السيادة والاستقلال:

 ـ القومية الاجتماعية تركز على السيادة الكاملة للأمة، وترفض أي تدخل خارجي أو وصاية أجنبية ـ

 ـ المشروع الإبراهيمي يُدخل المنطقة في دائرة النفوذ الأمريكي-الإسرائيلي، ويجعل أمن الدول العربية مرهونًا بتحالفات خارجية ـ

4 ـ  المصالح الاقتصادية والثقافية:

 ـ القومية الاجتماعية تدعو لبناء اقتصاد قومي مستقل وثقافة وطنية أصيلة ـ

 ـ المشروع الإبراهيمي يفتح الأسواق والثقافة العربية أمام الهيمنة الإسرائيلية والغربية، ويُضعف الروابط الاقتصادية والثقافية القومية ـ

اذن المشروع الإبراهيمي، رغم شعاراته البراقة حول التسامح والسلام، يخفي في جوهره مشروعًا لتفكيك الهويات القومية، وتكريس النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في المنطقة، وإضعاف القضية الفلسطينية ـ  وهو يتعارض جذريًا مع مبادئ القومية الاجتماعية التي تضع السيادة، والهوية القومية، ورفض التطبيع، والاستقلال الوطني في صلب عقيدتها ـ

إن المشروع الإبراهيمي ليس مجرد اتفاقيات سلام، بل خطة استراتيجية لإعادة رسم خرائط النفوذ والسيطرة في الشرق الأوسط عبر فيدراليات تحت سيطرة تركيا وإسرائيل، مدعومة من الدولة العميقة العالمية ـ  هذا المشروع يتناقض جذريًا مع مبادئ القومية الاجتماعية التي تدعو لوحدة الأرض والشعب ورفض الهيمنة الأجنبية ـ