العروبة الزائفة

الجلجلة التي يعيشها شعب هذا المشرق يبدو انها امتداد للجلجلة التي عاشها السيد المسيح. فالصلب الذي تعرض له لا لشيء، بل لأنه طلب من المجتمع ان يحيا بعزة وكرامة ومحبة بعيدا عن الحقد والكراهية والبغضاء التي تبث من قبل المؤسسة التي تقول انها تتبع تعاليم موسى بأوامر من الرب.

لمس العالم لاحقاً ذات الأفعال من قبل آباء الكنيسة واليوم كما في جرود تورا بورا يلمس ذات التوجه من فرق إسلامية تنال إعجاب الغرب وبعض العرب معاً.

إذا كانت الرحمة الإلهية متوجة بمثل هذه الأفعال مع صمت مطبق ممن يقولون عن أنفسهم انهم اهل ايمان يتبعون الرسالات ويعظون العامة بضرورة الانصياع لرسالاتهم للفوز بالحياة الأبدية موزعين على الاديان الإبراهيمية التي بشرنا القائد المفدا ترامب باحيائها، فلا عتب على أكلي لحوم البشر في أدغال هذه القارة او تلك او الوحوش الكاسرة التي اعتقدنا انها فقط هي من النوع البهيمي الحيواني واستطاع الإنسان كما الرسالات بوضع حد للفرع البشري منها.

هذا فيما خص اتباع الرسالات السماوية، اما اولئك الذين قرروا احياءً هوية ارضية بعد ان لمسوا ضراوة ما فعلته السلطنة في شعوبهم وأطلقوا على تلك الهوية صفة العروبة وأقاموا ممالك ودول تحت تلك الصفة وتوجوا ذلك بإقامة جامعة عربية فحالهم لا يبدو انه يفرق كثيراً عن اولئك الذين اتبعوا المنهج الديني في السلطنة او سواها. هذا الحقد الموروث يبدو ان منبته واحد جفافه وصفاقته ولبه الأسود لم يتغيروا حتى بعد ما قيل عن نزول رسالة الرحمة.

اكتشف البشر في قديم الزمن أكسير الحياة عندما روضوا الوحوش او ابعدوا أذاها بواسطة النار، ليتعاونوا لاحقاً في تحصيل عيشهم ان بالتدجين ولاحقا بالزراعة والتي بواسطتها توسع تعاونهم في التصنيع وبعدئذ التجارة في المواد التي فاضت عن استعمالهم.

ان أهل هذا المشرق المنكوبين اليوم ان من رسالات الرحمة الإبراهيمية او ممن قالوا انهم ذوي قربى يدين لهم العالم، بما وصل اليه من تقدم، فهم من دجن وزرع وصنع وتاجر، وهم من صدّروا الحرف وأقاموا اول تشريع إنساني في بلاد ما بين النهرين قبل الوصايا بخمسمائة سنة، وهم من وضع اسس علم الفلك والحساب وأقاموا اولى المدنيات حتى وصل بهم الأمر إلى انتخاب ملوكهم وكل ذلك قبل ان يشهد العالم فلسفة الإغريق او قوانين الرومان. والصهاينة يتبعون ما قيل انه سحر اسود بابلي وهو طبع العملة وهو ما يعيش العالم بظله، من طبع الدولار إلى صندوق النقد والبنك الدولي وما الحالة التي نعيشها اليوم إلا قبساً من ذلك السحر حيث يجتهدون في التفتيت ليحصلوا على الغاز كما حصلوا سابقا على النفط.

ان تحوير مقاصد الدين ليس جديداً، اذ قام حمورابي بكف يد الكهنة للحكم بالنزاعات العائلية وأناط ذلك بالمحاكم المدنية، وفي ايام السلطنة العثمانية كفّ أحد السلاطين يد رجال الدين عن تعليم الناشئة وحصر عملهم بالتثقيف الديني. أما الهوية العربية فاستخدمت لإطالة حياة الأنظمة التي تبنتها دون ان تحدث اي تغيير في ثقافة المجتمع الذي بقي يعيش على امجاد ما صنعه الأجداد بواسطة الرسالة المحمدية وذلك لان من حكمهم لم يفعل ذلك ليطور المجتمع، بل لكي يبقى هو والذرية في سدة الحكم.

دين تم تحويره، وهوية زائفة تحمل صفة العروبة ومشرق يعيش الأهوال لأنه خسر ذاته كمجتمع منتج مبدع منذ ما قبل التاريخ الجلي ولحق بالركب الاتكالي ان للسماء السابعة او لدول الاقليم وآخر المآثر التدخل الصهيوني في العبث «الجولاني» في السويداء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *