الضفة الغربية ومشروع قانون ضمها

لطالما رأت دولة الاحتلال أن الضفة الغربية هي أرض يهودية تابعة لها أن لأسباب استراتيجية، وان لما تملك من الأحواض المائية والأراضي الخصبة، وإن لادعاءاتها الدينية التوراتية التي ترى أن هذه الأرض هي الأرض التي قامت عليها دويلتهم.

 يهوذا في جنوب الضفة الغربية وعاصمتها القدس، والسامرة في شمال الضفة الغربية وعاصمتها نابلس، وقد مارست دولة الاحتلال سيادتها المطلقة على الضفة الغربية فور احتلالها عام 67 وذلك بقوه الاحتلال القاهرة، ثم عادت لتمارس هذه السيادة المطلقة بموجب اتفاقية أوسلو التي وقعتها مع قيادة منظمة التحرير عام 1993 هذا وان أعطت السلطة الفلسطينية التي تشكلت بموجب ذلك الاتفاق دورا شكلي لا قيمه له، ومع ذلك اخذ تقضمه قطعة قطعة بحيث لم يبق منه شيء يذكر.

يوم أول أمس الأربعاء صوت البرلمان (الكنيست) على مشروع قانون يقضي بضم كامل الضفة الغربية إلى دولة الاحتلال، وينص القرار : أن لدولة (إسرائيل) الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني بالسيطرة على كل مناطق أرض (إسرائيل) التي هي الوطن الطبيعي والتاريخي للشعب اليهودي)، وقد اقترع لصالح القرار نيف وسبعين عضوا فيما عارضه 13 وهم الأعضاء العرب في البرلمان، فيما امتنع قرابة 30 عن التصويت لأسباب لا علاقة لها بنص القانون وإنما لرغبتهم في الحصول على بعض الأصوات العربية في الانتخابات البرلمانية القادمة.

الاقتراع حول مشروع القانون هذا لا يحمل صفة الإلزام للحكومة لتنفيذه وإنما يترك لها حرية تنفيذه فوراً أو لاحقا، إلا انه يشير إلى مجموعة من المسائل الخطيرة الأولى أن توجهات اليهود عموماً في دولة الاحتلال متفقة على قلب رجل واحد باتجاه ضم الضفة الغربية والثانية أن هنالك إجماعاً يهوديا ضد إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية أو على جزء منها حتى ولو كانت دولة هزيلة خالية من أية سيادة أو صلاحيات، والثالثة أن مناطق «سي» التي تمثل حوالي 61% من أراضي الضفة الغربية، يضاف إليها القدس بشوارعها وأزقتها ومقدساتها هي مسائل خارج بازار التفاوض في حال جرت اي عملية تفاوضية، وسرعان ما يلحق بها مناطق «بي» أما المناطق «ايه» والتي يفترض اتفاق أوسلو إنها تحت سيطرة السلطة الفلسطينية في رام الله والتي تمثل قرابه 17% من أراضي الضفة الغربية فان (الإسرائيلي) اليوم أما موجود بها بشكل دائم أو يجتاحها يوميا، والرابعة أن تل أبيب تريد استخدام هذا التصويت لمزيد من ابتزاز أصدقائها في الإبراهيمية والعالم العربي وكأنها تقول لهم: أريد منكم مزيد من التطبيع والطاعة .

من الملاحظ أن نص القانون لم يتطرق إلى اتفاق أوسلو لا من قريب أو من بعيد، فلم يقل على سبيل المثال وبم لا يتعارض مع الاتفاقات المعقودة سابقا، لا بل انه شطب المناطق الثلاث التي حددها اتفاق أوسلو، فهو يتحدث عن يهودا والسامرة على إطلاقها بالمقابل لم يصدر عن الجهات الرسمية الفلسطينية والعربية والإسلامية إلا بيانات نمطيه هزيلة تتراوح بين رفض مشروع القانون أو إدانته، ولكن بعيداً عن أي فعل جدي.

واذا كان ما سبق هو امر نظري غير مطبق حتى الآن، فعلى أرض الواقع يجري تطبيق خطط سبق أن كتبها ونشرها وزير المالية بتسائيل سمو ترتش منذ عام 2017 والتي أصبحت برنامج العمل وخطة خارطة الطريق للحكومة الحالية التي تشكلت في نهاية 2022  والتي تقضي بضم الضفة الغربية ضمن جغرافيا لا ديموغرافيا أي أن تضم الأرض دون سكانها الذين عليهم الرحيل، وهذا ما نراه يطبق اليوم في الضفة الغربية ويأخذ إشكالاً منها شراسة المستوطنين واعتداءاتهم اليومية على المواطنين العرب هذا وقد اصبحوا ميليشيا شبه رسمية تتمتع بدعم من الحكومة وتحريض من وزرائها، وفي مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات وإقامة بؤر استيطانية جديدة، وتقطيع أوصال الضفة الغربية إلى مربعات ومناطق ومعازل غير متصلة بعضها ببعض، إضافة إلى حالة الإفقار والتجويع وقطع سبل الرزق والعمل واحتجاز أموال المقاصة التي تدفع منها رواتب موظفي السلطة، وإثارة الفوضى وان كانت لا زالت في مراحل ادنى مما يجري في غزة

نحتاج أحيانا للتواضع في شعاراتنا وفي خططنا، فالمطلوب اليوم في الضفة الغربية وغزة، البقاء على هذه الأرض والتصدي لعملية التهجير بانتظار ظروف نضالية ترتبط بتطورات ما يجري في الإقليم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *