ستة وتسعون عاماً ولا زلنا نتمنى أمنية الآب برباري نفسه، «ليته كان ورقة أخفاها في إنجيله ».. وأنقذه من حكم تلك المحكمة العسكرية الهمجية التي كتبت فعل أدانته قبل أن تحاكمه، ووقعت قرار إعدامه قبل صدور الحكم.
ستة وسبعون عاماً ولا زلنا نباهي العالم بوقفة العز تلك وببأسه وشجاعته امام جلاده.
ولا زلنا نباهي العالم بقروشه القليلة التي تركها لعائلته، وأظهرته أمام العالم اجمع، قدوة في الصدق والشفافية أمام رفقائه الذين آمنوا به زعيماً مخلصاً لأمتهم.
ستة وسبعون عاماً ولا زلنا نبكي بحرقة كيف مضى دون ان يسمحوا له برؤية عائلته التي دفعت ثمناً غالياً به كأب ثم الأم الأمينة جوليا المير وما قدمته من تضحيات هي وبناته.
اغتياله جاء مقدمة لمؤامرات عديدة استهدفت الأمة بتدمير وعيها لاستكمال الهيمنة على الأرض والموارد.
وكان صوته مزلزلاً رافضاً ومواجهاً لمخاطر مشاريع اقتصادية تخفي أهدافاً سياسية مثل اتفاقية الهدنة وكذلك شركة التابلاين الرامية إلى الاستيلاء على نفط بلادنا، وصولاً إلى اعتباره مسألة فلسطين وإنقاذها امر يهم لبنان كما دمشق والأمة كلها في الصميم، مستشرفاً حجم المخاطر على الأمة، من خلال جعل فلسطين وطن استيطان ليهود العالم اجمع، فيما هؤلاء ليسوا الا يهود الخزر الأوروبيين الذين لا تربطهم ببلادنا اية صلة، رغم السردية المزيفة التي ابتدعها مشروع مؤتمر هرتزل الصهيوني الأول عام 1897 والتي كرسها وعد بلفور لاحقا .
وجاء تآمر الأنظمة على منطقتنا متعاونا مع المستعمر الطامع ومع أدواته كما ظهر في تقارير الوشاة مؤخرا وأبرزها من مدير الجامعة الأميركية بيار دودج إلى الجنرال الفرنسي (دو مارتيل) وقال في تقريره ذاك عام 1935 «إذا كانت أميركا تريد ان ترتاح في الشرق فعليها التخلص من أنطون سعاده». وكان من تأثير التقرير، انكشاف امر الحزب وحله ثم إعادة تأسيسه من جديد في إصرار من سعاده على مأسسة الوعي في اطر نظامية تكفل تحقيقه أهدافه ومبادئه المرسومة، هي المؤسسة التي اعتبرها أعظم أعماله، بعد العقيدة وإنها الخطة النظامية المعاكسة التي ستواجه الخطة النظامية الصهيونية القائمة على غير محورها الطبيعي.
حياة سعاده القائد الفذ والمفكر وعالم الاجتماع والسياسي والفيلسوف، جاءت مليئة بالتحديات والمخاطر والمعاناة، نظراً لإصراره على المواجهة وعدم الانكفاء، في مجتمع يحتاج لتعزيز الوعي ونشر المعرفة بعد مئات من سنين من طغيان الاحتلال وظلمة الجهل وتعطيل العقل وانقسام المجتمع.
أهمية سعاده انه بفكره كان علامة فارقة في تحديد المشكلة وإعطاء حلها، ان في زمنه وحتى بعد غيابه
شهدت مسيرته العمرية القصيرة تألقا غير مشهود حتى في سجنه وغيابه القسري وكان أشبه بالنفي، بعد رفض السلطة لعودته، إلى حين عودته باسم آخر فكان خطاب العودة الجذري المواقف وكذلك إعلانه ثورته على النظام البائد الفاسد ورجاله، حجة للنيل منه اغتيالاً، تحت مسمى محاكمة عسكرية صورية جعلت من شهادته قدوة لكل أحرار العالم الذين يستشهدون من اجل موقف وعقيدة.
المأساة في الحقيقة لم تكن وحسب في إعدام وتغييب جسد أنطون سعاده صاحب النهج الثوري في عالم مستكين. وهو المفكر والفيلسوف، بل ما رافق ذلك من حملات تشويه جعلت منه مجرماً، بينما المتآمرون عليه وقتلته هم دعاة الحفاظ على النظام والبلاد، في لبنان وباقي الكيانات أيضاً… مع العلم ان عزم القوميين وارادتهم التي لا تقهر دفعّتهم الثمن، حياتهم.
اليوم وبعد عقود سبعة ونيف، على عار اغتيال أنطون سعاده، وبعدما أدت السياقات السياسية في منطقتنا إلى إسقاط الأقنعة وزيف الوجوه ينشط العالم مجددا وفي جهد غير مسبوق من الماكينة المهيمنة على العالم بالتكنولوجيا إلى اعتماد سياسة كي للوعي لأجيال الشباب في بلادنا، فيتم اعتبار أبطال بلادنا والمدافعين عنها وصانعي تاريخها إرهابيين، فيما يصبح الإرهابيين الحقيقيين وصنيعة الاستعمار الأبيض الجديد، أبطالاً.
يريدون قلب المعايير وتدمير الوعي المجتمعي وتزوير التاريخ في ماكينة إعلامية رهيبة عمادها المال وشراء الذمم. فيصبح الفادي يسوع المسيح، هو يهوذا. أيضا تصبح زينب وهي المسبية مع نساء آل البيت، إلى قاتلة وذنبها انها جعلت من صوتها العالي كما يوحنا، صوتاً صارخاً في البريّة أمام الطغاة.
في بلادنا اليوم، ترتكب أفظع جريمة من الإبادة الدموية المشهودة، الا وهي جريمة كم الأفواه لتغييب الحق ومنع رفع يد الظالمين القتلة بينما العالم يتفرج.
بلادنا وأهلنا يقتلون بدم بارد، ويريدون منا نحن اهل الأرض ان نسّلم ونصمت ونتفرج
يضغطون علينا عبر ابواق مرتزقة ان نستسلم ونصبح عبيداً تحت عنوان السلام. لكن أبناء الوعي والحياة في مجتمعنا لن يصبحوا عبيداً مستسلمين وخانعين اذلاء ولو مهما اشتدت الضغوط.
قال سعاده المعلم عام 1938، وقبل وقفة العز التاريخية التي وقفها عام 1949، «ان النهضة القومية تعترف بأنه ليس أفضل من تنازل بعض الأمم عن حقها في الحياة لتوطيد سلام دائم، وان سورية ليست ولا تريد ان تكون من هذا البعض».
قصد سعاده من ذلك ان يؤكد نظرته إلى امته انها في مصاف الأمم الحية، الأمم التي لا تتهاون في حقوقها، ولا تتنازل عن آمالها ومستقبلها، وإذا كنا نرى ان التنازل في امتنا والإقليم، بات سيد الموقف فهو ليس إلا دليل على السقوط المجتمعي والقيمي وانهيار لمستقبل الشعب في هذه المنطقة من العالم.
سؤالنا، هل كان سينجو سعاده من الإعدام لو استسلم قبل إعدامه عام 1949؟
الجواب، ربما كان أنقذ جسده، ولكنه لمّا تحول إلى قدوة في صفوف العظماء والابطال في العالم وهم بالطبع قلة قليلة.
سعاده جعل من اسمه شعلة من نور تقتدي به الأجيال في بلادنا والعالم اجمع، وشعاره الذي يتغنى به شرفاء العالم «ان الحياة وقفة عز فقط»، بات شعار الأحرار أجمعين.
ستة وسبعون عاماً ونحن نستلهم من دمه المسكوب على رمل بيروت عزاً وفخراً ستة وسبعون عاماً ولا زالت أصوات الرفوش تشعل افئدتنا وتحرك وجداننا
ستة وتسعون عاماً ولا زلنا نتمنى أمنية الآب برباري نفسه، «ليته كان ورقة أخفاها في إنجيله ».. وأنقذه من حكم تلك المحكمة العسكرية الهمجية التي كتبت فعل أدانته قبل أن تحاكمه، ووقعت قرار إعدامه قبل صدور الحكم.
ستة وسبعون عاماً ولا زلنا نباهي العالم بوقفة العز تلك وببأسه وشجاعته امام جلاده.
ولا زلنا نباهي العالم بقروشه القليلة التي تركها لعائلته، وأظهرته أمام العالم اجمع، قدوة في الصدق والشفافية أمام رفقائه الذين آمنوا به زعيماً مخلصاً لأمتهم.
ستة وسبعون عاماً ولا زلنا نبكي بحرقة كيف مضى دون ان يسمحوا له برؤية عائلته التي دفعت ثمناً غالياً به كأب ثم الأم الأمينة جوليا المير وما قدمته من تضحيات هي وبناته.
اغتياله جاء مقدمة لمؤامرات عديدة استهدفت الأمة بتدمير وعيها لاستكمال الهيمنة على الأرض والموارد.
وكان صوته مزلزلاً رافضاً ومواجهاً لمخاطر مشاريع اقتصادية تخفي أهدافاً سياسية مثل اتفاقية الهدنة وكذلك شركة التابلاين الرامية إلى الاستيلاء على نفط بلادنا، وصولاً إلى اعتباره مسألة فلسطين وإنقاذها امر يهم لبنان كما دمشق والأمة كلها في الصميم، مستشرفاً حجم المخاطر على الأمة، من خلال جعل فلسطين وطن استيطان ليهود العالم اجمع، فيما هؤلاء ليسوا الا يهود الخزر الأوروبيين الذين لا تربطهم ببلادنا اية صلة، رغم السردية المزيفة التي ابتدعها مشروع مؤتمر هرتزل الصهيوني الأول عام 1897 والتي كرسها وعد بلفور لاحقا .
وجاء تآمر الأنظمة على منطقتنا متعاونا مع المستعمر الطامع ومع أدواته كما ظهر في تقارير الوشاة مؤخرا وأبرزها من مدير الجامعة الأميركية بيار دودج إلى الجنرال الفرنسي (دو مارتيل) وقال في تقريره ذاك عام 1935 «إذا كانت أميركا تريد ان ترتاح في الشرق فعليها التخلص من أنطون سعاده». وكان من تأثير التقرير، انكشاف امر الحزب وحله ثم إعادة تأسيسه من جديد في إصرار من سعاده على مأسسة الوعي في اطر نظامية تكفل تحقيقه أهدافه ومبادئه المرسومة، هي المؤسسة التي اعتبرها أعظم أعماله، بعد العقيدة وإنها الخطة النظامية المعاكسة التي ستواجه الخطة النظامية الصهيونية القائمة على غير محورها الطبيعي.
حياة سعاده القائد الفذ والمفكر وعالم الاجتماع والسياسي والفيلسوف، جاءت مليئة بالتحديات والمخاطر والمعاناة، نظراً لإصراره على المواجهة وعدم الانكفاء، في مجتمع يحتاج لتعزيز الوعي ونشر المعرفة بعد مئات من سنين من طغيان الاحتلال وظلمة الجهل وتعطيل العقل وانقسام المجتمع.
أهمية سعاده انه بفكره كان علامة فارقة في تحديد المشكلة وإعطاء حلها، ان في زمنه وحتى بعد غيابه
شهدت مسيرته العمرية القصيرة تألقا غير مشهود حتى في سجنه وغيابه القسري وكان أشبه بالنفي، بعد رفض السلطة لعودته، إلى حين عودته باسم آخر فكان خطاب العودة الجذري المواقف وكذلك إعلانه ثورته على النظام البائد الفاسد ورجاله، حجة للنيل منه اغتيالاً، تحت مسمى محاكمة عسكرية صورية جعلت من شهادته قدوة لكل أحرار العالم الذين يستشهدون من اجل موقف وعقيدة.
المأساة في الحقيقة لم تكن وحسب في إعدام وتغييب جسد أنطون سعاده صاحب النهج الثوري في عالم مستكين. وهو المفكر والفيلسوف، بل ما رافق ذلك من حملات تشويه جعلت منه مجرماً، بينما المتآمرون عليه وقتلته هم دعاة الحفاظ على النظام والبلاد، في لبنان وباقي الكيانات أيضاً… مع العلم ان عزم القوميين وارادتهم التي لا تقهر دفعّتهم الثمن، حياتهم.
اليوم وبعد عقود سبعة ونيف، على عار اغتيال أنطون سعاده، وبعدما أدت السياقات السياسية في منطقتنا إلى إسقاط الأقنعة وزيف الوجوه ينشط العالم مجددا وفي جهد غير مسبوق من الماكينة المهيمنة على العالم بالتكنولوجيا إلى اعتماد سياسة كي للوعي لأجيال الشباب في بلادنا، فيتم اعتبار أبطال بلادنا والمدافعين عنها وصانعي تاريخها إرهابيين، فيما يصبح الإرهابيين الحقيقيين وصنيعة الاستعمار الأبيض الجديد، أبطالاً.
يريدون قلب المعايير وتدمير الوعي المجتمعي وتزوير التاريخ في ماكينة إعلامية رهيبة عمادها المال وشراء الذمم. فيصبح الفادي يسوع المسيح، هو يهوذا. أيضا تصبح زينب وهي المسبية مع نساء آل البيت، إلى قاتلة وذنبها انها جعلت من صوتها العالي كما يوحنا، صوتاً صارخاً في البريّة أمام الطغاة.
في بلادنا اليوم، ترتكب أفظع جريمة من الإبادة الدموية المشهودة، الا وهي جريمة كم الأفواه لتغييب الحق ومنع رفع يد الظالمين القتلة بينما العالم يتفرج.
بلادنا وأهلنا يقتلون بدم بارد، ويريدون منا نحن اهل الأرض ان نسّلم ونصمت ونتفرج
يضغطون علينا عبر ابواق مرتزقة ان نستسلم ونصبح عبيداً تحت عنوان السلام. لكن أبناء الوعي والحياة في مجتمعنا لن يصبحوا عبيداً مستسلمين وخانعين اذلاء ولو مهما اشتدت الضغوط.
قال سعاده المعلم عام 1938، وقبل وقفة العز التاريخية التي وقفها عام 1949، «ان النهضة القومية تعترف بأنه ليس أفضل من تنازل بعض الأمم عن حقها في الحياة لتوطيد سلام دائم، وان سورية ليست ولا تريد ان تكون من هذا البعض».
قصد سعاده من ذلك ان يؤكد نظرته إلى امته انها في مصاف الأمم الحية، الأمم التي لا تتهاون في حقوقها، ولا تتنازل عن آمالها ومستقبلها، وإذا كنا نرى ان التنازل في امتنا والإقليم، بات سيد الموقف فهو ليس إلا دليل على السقوط المجتمعي والقيمي وانهيار لمستقبل الشعب في هذه المنطقة من العالم.
سؤالنا، هل كان سينجو سعاده من الإعدام لو استسلم قبل إعدامه عام 1949؟
الجواب، ربما كان أنقذ جسده، ولكنه لمّا تحول إلى قدوة في صفوف العظماء والابطال في العالم وهم بالطبع قلة قليلة.
سعاده جعل من اسمه شعلة من نور تقتدي به الأجيال في بلادنا والعالم اجمع، وشعاره الذي يتغنى به شرفاء العالم «ان الحياة وقفة عز فقط»، بات شعار الأحرار أجمعين.