الميثاق الوطني والدستور هما الحل في لبنان وليست الفيدرالية

ان الكلام عن الفيدرالية وتغيير النظام اللبناني الحالي الى نظام فيدرالي يستوجب الرجوع حتماً للدستور الذي هو العقد والعروة الوثقى التي تجمع اللبنانيين ولا شيء آخر سواه، خاصة وان الدستور اللبناني اكد على الميثاق الوطني وبأن لبنان وطن سيد حر مستقل، عربي الهوية والانتماء، وجمهورية ديمقراطية برلمانية، وبأن الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية، نظامه قائم على مبدأ فصل السلطات، واقتصاده حر، والانماء فيه متوازن بالمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وهو ركن اساسي من اركان وحدة الدولة واستقرار النظام، وإلغاء الطائفية هدف وطني اساسي، وارض لبنان ارض واحدة لكل اللبنانيين فلكل لبناني الحق في الاقامة على اي جزء منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على اساس اي انتماء كان ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.
امام هذا الميثاق الذي يعتبر جزء لا يتجزأ من الدستور والذي كرسه اللبنانيون كقاعدة للعيش المشترك بينهم ترتفع اليوم اصوات وابواق مشبوهة تطرح نظاماً جديداً فدرالياً عنوانه الادارة المحلية ومضمونه التجزئة والتقسيم والتوطين، بدل ان تدعو وتعمل على تطبيق الدستور وتغيير الطاقم الفاسد الحاكم الذي لا يؤمن بالوطن بل بمصالحه الشخصية، وهو السبب المباشر لعدم تطبيق البنود العشرة التي نصت عليها مقدمة الدستور، فهؤلاء سيرتهم وطريقة عملهم السياسية تؤدي حتماً الى ما اشرنا اليه وسيمارسونها ذاتها سواء أكانوا في محافظة أو ولاية أو قضاء أو حي أو شارع، كما يمارسونها اليوم في لبنان كله أي بصريح العبارة عليهم تطبيق كل ما جاء في الدستور لأن عدم الإلتزام بالميثاق والدستور هو الذي أدّى الى هذا الانهيار في النظام اللبناني.

اذاً الموضوع الذي يجب طرحه هو كيفية الخلاص من الطبقة السياسية الحاكمة وليس الخلاص من لبنان، خاصة وان عيوب الفيدرالية لا تحصى وتعاني منها الدول التي اعتمدتها، كما يعاني البعض الآخر من المركزية، وانها في كل الاحوال نشأت في المجتمعات ذات الاعراق والثقافات المتعددة والمجتمع اللبناني بعيداً كل البعد عن هذا الوصف.
ان ما يطرح هو تشكيل نظام يحاكي التعدد المجتمعي الطوائفي، والبعض الآخر الذي دعا الى المؤتمر التأسيسي الذي من نتائجه ستكون حتماً ما اقترحه دين براون مبعوث الرئيس الاميركي جيرارد فورد عام 1978 للمسألة اللبنانية اي كونتونات بصريح العبارة، ومن نتائج هذا المؤتمر ايضاً (التقسيم) حيث قال ان هناك اتفاق روسي (ايام الاتحاد السوفياتي) اميركي لتقسيم لبنان الى اربع دويلات مسيحية، وشيعية وسنية ودرزية اي الغاء لبنان الرسالة. كما ان ما حصل في المؤتمر الدائم للفيدرالية الذي عقد الأسبوع الفائت حيث ورد فيه من اراء وبوضوح ان لبنان الكبير فشل كتجرية، وأن اتفاق الطائف ودستوره اصبحا بحكم المنتهيان ويهدف تحرك هؤلاء جميعاً للتقوقع الطائفي والمذهبي.
هذا وحيث إن ما يهمنا الان هو ما يروج له وما اشرنا اليه فيما تقدم حيث انه في ظاهره وكأنه حالة تنظيمية ادارية داخل الدول لكن في مضمونه تكمن الكراهية والتنابذ والعنصرية والطائفية والمذهبية وكلها تؤدي الى التقسيم الحتمي، وهذا ما ترغبه وتعمل له كل الدوائر الاستخباراتية لتقسيم كل الدول العربية الى دول مذهبية وطائفية وعرقية تحت شعار ما يسمى بحقوق الاقليات، وهذا ما حصل في العراق والسودان وما يسعون لتنفيذه في سوريا ولبنان وباقي الدول العربية لتنفيذ خريطة التقسيم.
فما هو ردنا على ذلك؟؟
1- يجب الوقوف بقوة وبكل الوسائل المتاحة ضد هذه الفئة المروجة للفيدرالية والكونفيدرالية.
2- التمسك بالميثاق الوطني والدستور وتنفيذ كل ما ورد به من نصوص دون أي تأخير.
3- تشكيل تيار دستوري لحماية الميثاق الوطني والدستور والسهر على التنفيذ.
4- التأكيد على ان كل سلطة من السلطات هي واحدة ولا يجوز تفريعها، مع تأكيدنا على استقلال كل منها.
ونشير بأننا ذاهبون الى انتخابات بلدية في ايار القادم من هذه السنة او في السنة القادمة، فعلينا واجب وطني بالتوجه لكل البلدات والعمل مع عائلاتها وقواها المحلية لتقديم احسن ما عندهم من اصحاب الاختصاصات بشتى الميادين الحياتية لتفوز بمجالس بلدية لها القدرة على الانماء والحفاظ على البيئة والصحة وتطوير كل الاجهزة البلدية لخدمة المواطن، وعلينا التحرك سريعاً كي لا تكون نتائج الانتخابات البلدية كنتائج الانتخابات البرلمانية، والعمل مع المجلس النسائي اللبناني لتعديل قانون البلديات لتضم المجالس البلدية نسبة لا تقل عن 50% من المواطنات كي تكون الادارة المحلية ممثلة فعلياً لبلداتها، وهذا ما يجب ان نشدد على توفيره ليس في البلديات فحسب بل على كل مستويات السلطات في تحركاتنا المقبلة من مؤتمرات ولقاءات وحلقات وندوات لضمان النجاح الشامل.
اننا مع الأسف الشديد نعيش حالة مشابهة لعشية عام 1975 فعلينا واجب التصدي بكل الوسائل المتاحة بوجه ما يحصل لنبقى على ارض الوطن، والانطلاقة لا تكون الا بتأكيد المواطنة، وكتاب التاريخ الواحد، وتعزيز المدرسة الرسمية، ووضع قيود على المدارس الخاصة لخدمة دولة المواطنة والقانون.
ونكرر الدعوة للعمل الجدي وفق التشبيك الوطني لانهاء دور الطغمة الفاسدة في العمل السياسي وحلول الشباب اللبناني نساءً ورجالاً مكانها.

الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب عمر زين