الإعلام القوميّ، ودوره الإشعاعيّ

بات الاعلام اليوم يشكل لغة عالمية تلامس حياة الانسان اليومية وتحاكي تطلعاته، وقد أصبح يشكل جزءاً لا يتجزأ من الحركة الفكرية والاجتماعية في المجتمع. ولأن أهمية أي فكرة تكمن في القدرة على إيصالها إلى أكبر عدد ممكن من الناس، وإقناعهم بأهميتها وضرورة تبنيها بوصفها ضرورة حياتية لا غنى عنها. لذا فإنه بات من الضروري تطوير المعرفة بهذا القطاع والارتقاء به من أجل نشر كل الافكار التي تلامس كل موضوعات الصياغة الجديدة التي تتعلق بحياة الامة وارتقائها.

إن الإعلام هو لغة الثقة التي تلحم المجتمعات، وهو الثقافة التي تستطيع أن تتواجه مع الواقع الطائفي والمذهبي المستعصي. إن إعلامنا يحتاج اليوم إلى طاقات جديدة للبناء بعد فترة طويلة من الركود والترهل، وهو يحتاج إلى تقديم آراء جديدة وإلى الخروج باجتهادات علمية ومتقدمة تأخذ بعين الاعتبار ضرورة احترام حرية الرأي، إضافة إلى اعتماد لغة التواصل المنطقي مع الآخرين سبيلاً للوصول إلى الحقيقة من غير مكابرة او استعلاء. فالإعلام الناجح هو الذي يقرع الحجة بالحجة. فإن كان مفتاح الدعوة للوصول إلى الحقيقة هو مخاطبة العقل، فإنه علينا أن نعمل على تحويل إعلامنا إلى قوة حضارية كبرى قادرة على أن تشكل مركزاً مميزاً للإشعاع والاستقطاب، وللإطلاق والاجتذاب.

اليوم أيضا يتضاعف دور الإعلام في معركة الصراع مع العدو، وهو أصبح جزءاً لايتجزأ من مكونات المعركة، وعليه تقع مسؤولية كشف الحقائق والخلفيات في مخططات العدو وأهدافه أمام الرأي العام ، وذلك بشكل دقيق وعلمي وموضوعي وموثق. والإعلام أيضاً هو أحد وسائل التعبئة ضد العدو، بل هو الوسيلة الأساسية في هذا المجال. لقد أدى غياب الإعلام القومي الحقيقي لفترة طويلة من الزمن عن ساحة المواجهة، إلى ترسخ فكرة أن اسرائيل باتت حقيقة واقعة عند الرأي العام العالمي لا يمكن إنكارها أو تجاهلها بخاصّة في دول أوروبا والولايات المتحدة الاميركية. بالرغم من ذلك فإن إعلامنا القومي قادر على محاربة هذه الفكرة والانتصار عليها، وذلك من خلال إنشاء وسائل إعلام بلغات أجنبية متعددة تعمل على كشف الحقائق والخلفيات والأبعاد للعدوان الذي يشن علينا.

إن موضوع الإعلام ليس موضوعاً ثانويا أو هامشيّاً في مسيرتنا النهضوية، فهو قد أصبح اليوم أحد ركائز المستقبل في المحافظة على الهوية والوجود، وفي تحقيق نتائج تفوق عملي لأمتنا في المواضيع الاقتصادية والسياسية والفكرية والثقافية. لذلك نحن مدعوون اليوم إلى تطوير شبكة العمل في هذا المرفق الهام. إن الوصول إلى النجاح في أي عمل يحتاج إلى إحساس عال بالمسؤولية وبالقدرة على تحمل هذه المسؤولية، وذلك من اخضاع التجربة لعمليتين أساسيتين هما الاكتساب والتعلم. لذلك ينبغي أخيراً القول إن العمل الإعلامي ليس تلك الشيفرة المعقدة في التواصل مع المتلقي، كما يتصور البعض. بل هي عمل فني يستطيع أن يصل إلى المشاهد بكثير من المتعة في النظر والحواس، وأن يؤثر إيجاباً في وعيه.

نبيل المقدم

كاتب وصحافي