الديمقراطية وبناء دولة المواطنة

الشعب على امتداد الجغرافيا السورية الاجتماعية، والسياسية، يطالب بالحرية والحياة الديمقراطية. وهذا مطلب، حق إن لم نقل مقدس.

والإنسانية منذ وعيها لذاتها الاجتماعية والفردية، وهي تعمل وتناضل، دافعة أثمانا باهظة. قوافل من الشهداء والتضحيات في أمنها واستقرارها. لتحقيقها واقراها شريعة لها.

مفهوم الديمقراطية وحدود الحرية يتطور مع تطور الحياة الثقافية والفكرية مع تطور وعي الانسان الفرد والمجتمع لذاته لحياته ولحاجاته المادية الروحية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

وهذا ما جعلنا نقبل الاختلافات في تفسيرات المجتمعات لمدلولات قيمة الحرية وارتباطها بالممارسة الديمقراطية وضوابطهما حسب ثقافة المجتمع ونظرته الى الحياة والكون والفن.

ولكن رغم اختلاف فلسفات الأمم حول مفهوم الحرية والديمقراطية.  لكن يمكن ان نرى الجميع متفقين على أن الديمقراطية هي جملة القوانين والتشريعات التي توفر

  المناخ الحر للأفراد والجماعات لممارسة الحرية؛ ليس في الإطار السياسي فحسب وإنما في مختلف العلاقات الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية والثقافية

أما إذا أردنا الوقوف مع الحرية والديمقراطية على الجانب السياسي فنرى (أنها الشكل الطبيعي للتنظيم السياسي الذي عماده اقتصاد السوق والعلمنة تعبيرها الثقافي)

وعلى هذا المفهوم ينظم الغرب ممارسة الحرية الاقتصادية والسياسية بين المتنافسين. لربح السوق الاقتصادية والسياسية. هذا يعني ايضا أن لا ديمقراطية دون الاختيار الحر من قبل الشعب للحاكمين في إطار التعددية السياسة وتعددية طرح البرامج السياسية والخطط الاقتصادية وحماية أمن الوطن والمواطنين لكسب ثقة الشعب.

 ويرى. الغربيون في   غياب الحرية والحياة الديمقراطية عن الدولة يؤدي الى غياب مشاركة الشعب عن المشاركة في الحياة السياسية فتنشأ عن هذا التهميش للشعب ازمة التمثيل السياسي. مما يفقد المواطنين الاحساس بأنهم شركاء في الوطن على قدم المساواة مع السلطة القابضة على مركز القرار. ويفقدون الثقة بالتمثيل الحر والتعبير عن ارادتهم بحرية مما يضعف إحساس الفرد بالمواطنة ويتعمق احساسه بأنه تحول الى مجرد رقم مستهلك ومهمش يحدّد دوره في ان يكون( مجرد رقم على جداول الاستفتاءات أو جداول الدوريات الانتخابية، لا رأي ولاخيار له فيها)

النظام الديمقراطي هو النظام الذي يمكن العدد الأكبر من المواطنين المساهمة في صنع القرار مباشرة بوساطة من هم في موقع القرار أو بشكل غير مباشر بوساطة المهتمين بالشأن العام والمتابعين الحياة السياسية في الدولة من خارج السلطة. من احزاب. سياسية وجمعيات واتحادات ونقابات والمثقفين والمفكرين وغيرهم من مكونات المجتمع المدني حيث لا يمكن للسلطة تجاهل راي هذا التنوع المؤثر، بل يكون شريكا غير مباشر في صياغة القرارات الهامة والمؤثرة في حياة المجموع 

وهنا لابد ان نشير الى ان الديمقراطية المعبرة عن حق المواطن في ممارسة الحرية تمنى في بعض الأحيان فلا تطبق بشكلها الأمثل والأكمل في التعبير عن الارادة العامة للشعب لان هناك قوى ضعيفة في ولائها الصادق للمجتمع ومتنفذة وقادرة على ان تبحث عن مصالحها الشخصية وتغلب مصالحها الذاتية على المصلحة العامة فتسعى جاهدة بكل ما لديها من نفوذ لتأمين مصالحها على حساب الحرية والديموقراطية.

 وهنا تقع المسؤولية بالدرجة الاولى على الشعب في الدفاع عن حقه في الحرية وحماية النظام الديمقراطي وتوفير الظروف والمناخات الملائمة لتأخذ الأكثرية السياسية دورها الايجابي في المشاركة في الحياة السياسية من غير محاصرة أو الغاء للأقلية السياسية، بل عليها أن تُبقي المجال مفتوحا أمامها لتكون أكثرية سياسية في المستقبل.

وكثيرا ما تلجأ السلطات الدكتاتورية للهيمنة على الأفراد والجماعات بالإرهاب الايديولوجي (بادعائها الحرص على المشروع القومي او العدالة الاجتماعية وكثيرا ما تعتمد في قمعها ارادة الشعب بسياسة المحاصصة والاسترضائيات والارهاب)

و(مستمدة شرعيتها من هذه الدعوات والممارسات وليس من الانتخابات الحرة).

وهناك خطر آخر على الحرية والحياة الديمقراطية. على الشعب ان يكون واعيا لمواجهته والتصدي له.

وهو المتمثل بمن ينادون بالحرية والديمقراطية مستغلين مناخاتها ليتسللو الى السلطة ومن ثم يتحولون الى سلطة دكتاتورية مستبدة تغتال الحرية وتعطل الحياة الديمقراطية متذرعين بمفاهيم وقيم وأيديولوجيات يكبلون بها ارادة الشعب ويصادرون حريته.

فالتمسك بحق المواطنة وحرية الانسان والدفاع عنها هو الضامن الأقوى في ابقاء ڜعلة الحرية متوقدة لمواجهة الشعارات المزيفة العاملة على الغاء الآخر وفرض رغبات وارادة جماعة معينة قليلة ام كثيرة على مجموع الشعب.

فالمواطن الملتزم بالدفاع عن حقه بالحرية وعن حقه في الحياة الديمقراطية هو من يدرك ويعي حقوق وواجبات ومسؤوليات المواطنة الحرة في الحياة تطويرا وتحسينا وارتقاءً وبالتالي يرفض قبول جماعة محددة ان تجعل من نفسها وصية على الدولة والمجتمع.

فبالحرية والديمقراطية تتوفر المناخات للأفراد والجماعات في ان يكونوا فاعلين في كتابة تاريخهم بأنفسهم وان يكونوا ( متحررين من الأغلال التي قيدوا بها انفسهم وألفوا النوم على رنينها) .

. فلنعمل سوية لحياة حرة كريمة وديمقراطية ولا نتنازل عن هذا الحق الذي اقرته كل الشرائع على مدى التاريخ.

إيليا المعري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *