الميلان يدقّ ناقوس الخطر

الميلان يدقّ ناقوس الخطر

فترة كارثيّة يمرّ بها نادي ميلان، فمن يرى نتائج وأداء الفريق في الفترة الأخيرة يصعب عليه تصديق أنّ هذا هو بطل الدّوري الإيطالي الموسم الماضي.
فالروسونيري فشل بالفوز بآخر ست مباريات له، وخرج من بطولة كأس إيطاليا بعد خسارة من تورينو، وخسر السوبر الإيطالي بعد هزيمة قاسية ضد انتر ميلان بثلاثيّة ويوم الأحد مُنيَ بهزيمة بنتيجة ثقيلة ضد ساسولو في الدوري المحلّي، وتنتظره الأسبوع المقبل مباراة صعبة ضدّ الغريم الانتر في ديربي الغضب، وأصبح يحتلّ المركز الرابع في جدول الدوري وبفارق شاسع عن المتصدّر نابولي.
هذا الانحدار الكبير الذي يشهده الميلان له أسباب عدّة، أوّلها يكمن في إصابة حارسه الأساسي مايك ماينان والذي لعب الدور الأبرز في الفوز باللقب المحلي الموسم الماضي، وكان خير خلف لدوناروما الذي غادر إلى باريس سان جيرمان، غياب ماينان الطويل أثّر بشكل كبير على الفريق، فالحارس البديل سيبريان تاتاروسانو لا يقدّم المستوى المطلوب لنادٍ يرغب بالمنافسة وتحقيق الألقاب، وأخطاؤه تكلّف الفريق أهدافًا عدّة.
معاناة الميلان لا تقتصر على مركز حراسة المرمى، فالفريق لم يتمّ تدعيمه بصفقات مهمّة في الصيف الماضي ولا حتّى في سوق الانتقالات الشّتويّة. في الصيف الصفقة الأغلى كانت من نصيب البلجيكي شارل دي كيتيليري، لكنّ اللاعب كان كارثيًا حتى اللحظة، ولم يسجّل بعد أي هدف هذا الموسم.
وممّا زاد من تعقيد الأمور في النادي هو تراجع مستوى اللاعبين المتواجدين، فبين غياب الصفقات المؤثّرة من جهة والمستوى السيئ للاعبي الفريق من جهة أخرى بات أداء بطل ايطاليا ضعيفًا جدًّا، وأكثر من أثّر تراجع أدائهما على المنظومة هما اثيو هيرنانديز وأوليفييه جيرود، فالثنائي الفرنسي يبدو وكأنّه لم يتخطَّ بعد التّأثير السلبي لخسارة نهائي بطولة كأس العالم، لكنّ اللوم لا يقع عليهما فقط، فالمدافع الإنجليزي فيكايو توموري والذي كان أحد أعمدة نجاحات الموسم الماضي، يمرّ بفترة سيئة إذ أنّ مستواه متراجع بشكل ملحوظ، وكذلك مستوى ساندرون تونالي في الآونة الأخيرة، دون أن ننسى إصابات سيمون كايير ودافيد كالابريا والتي تعقّد الأمور أكثر وأكثر أمام المدرب الإيطالي ستيفانو بيولي، أما زلاتان ابراهيموفيتش والذي يعدّ تواجده مع الفريق دفعة معنوية أكثر منها فنيّة فهو غائب هذا الموسم بسبب الإصابة أيضًا.
بيولي بنفسه اعترف أنّ معاناة فريقه لا تقتصر على الشعور بالتعب، أو الإصابات، أو المستوى السيئ، بل هناك مشكلة يمكن وصفها “بالنّفسية”، إذ أنّ اللاعبين عاجزون عن القيام بأي ردّة فعل في حال تلقّي الأهداف خلال المباراة، ويبدو أنّ الهزائم تثقل عليهم بشكل كبير وهم يعجزون عن تخطي تأثيرها النفسي عليهم، ومن المعلوم أنّ الحالة النّفسية والمعنويّة للاعبين تلعب دورًا رائدًا في تحديد مستوى المنظومة وحتّى في حسم المباريات.

“الميلان يعاني” هو العنوان العريض للمرحلة الحاليّة، معاناة لا يبدو أنّ الخروج منها سيكون بالأمر السهل. على المستوى المحلّي، أصبح من شبه المؤكّد أنّ أبناء المدرّب بيولي فقدوا أملهم بالمنافسة على اللقب وأمّا في دوري أبطال أوروبا فتنتظرهم مباراة معقّدة ضدّ توتنهام الإنجليزي، ومن شبه المستحيل على النادي الإيطالي مقارعة كبار القارة نظرًا لمستواه الحالي. وإذا ما استمرّ بسياساته الحالية في سوق الانتقالات والتي تخصّص مبالغ متواضعة للصفقات والبحث عن لاعبين لينتقلوا بنظام الإعارة أو الانتقال الحرّ فإنّ ميلان سيكمل بانحداره وقد يخسر باولو مالديني والذي تمكّن من اقتناص لاعبين جيّدين في موسمه الأوّل في مركز المدير الفنّي، فالصفقات الفاشلة يتحمّل ذنبها من هم بمنصب مالديني ومساعديه.
المال أصبح عصب كرة القدّم، وأمام الهجوم الكاسح للأندية العربية والأميركية والآسيوية بمبالغ ضخمة لإغراء اللاعبين، لن تتمكّن الأندية الأوروبيّة، خاصة تلك التي كانت سياستها دائمًا الاعتماد على لاعبيها والابتعاد عن البذخ والصرف الجنوني، كميلان، الصمود، إلّا إذا ما رضخت للأمر الواقع وحاولت مجاراة السوق وإلّا فالكارثة لن تكون ببعيدة.

ريتا الصياح