يُعجنُ الرغيفُ
بأوردةٍ نازفةٍ من خوفْ،
ويُخبزُ في أفرانِ الغضبِ،
حيثُ اللهبُ
لا يطهو جوعًا،
بل يلتهمُ ظلَّ الحياةِ الهشَّةِ
تحتَ السقوفِ المتهالكةْ.
طحينُهمُ…
ليس قمحًا،
بل صدى العروقِ إذا انسكبتْ على الترابِ وهمسَتْ:
«كفى».
من صدرِ أمٍّ
يبسَ فيه الرجاءُ،
فتسكبُ على الصخرِ حكايةً لا تموتْ،
من راحةِ الأبِ
التي لم تمسك سوى الفراغِ،
وظلَّتْ تُلوِّحُ للغائبين
وهم يتلاشَونَ في دخانِ المدافعِ.
طحينُهمُ…
صوتٌ يُعجَنُ بالدمعِ،
ورائحةُ جوعٍ لا تنضجُ في صمتِ الموائدِ،
بل في احتراقِ الوجعِ في العيونِ،
وفي تقطُّعِ الحكاياتِ
بين فمٍ صغيرٍ
وسؤالٍ يتيمٍ عن معنى الخبزْ.
لا طحينَ يُشبهُهمْ،
فهم يخبزونَ الدَّمَ،
ويأكلونَ الخذلانَ
كأنَّه آخرُ ما تبقّى من وطنٍ،
ويشربونَ من جرنِ الطحينِ
ذكرى الطفولةِ حينَ كانتْ تركضُ
ولم تَعُدْ.
طحينُ الدمِ…
لا يُباعُ، لا يُشترى،
إنهُ نُسخةُ الروحِ إذا اختلطَتْ بالتُّرابِ،
وتحوَّلتْ إلى رغيفٍ
يحملهُ طفلٌ فوقَ نعشِ أمهِ،
ويقولُ:
“هذا خبزي…
وهذه مصيبةُ جوعي.
بقلم دنيا محمد