الأمة في مواجهة التحديات

لائحة العقاقير لا تصنع طبياً، قول يصح بأمتنا اليوم، من جنوبها وشمالها وشرقها، أرض منتهكه ومذبوحة من الوريد، فيما الاحتلالين الإسرائيلي والتركي، يجثمان على ارضها، ويصيغان واقعاً جديداً لها باستهداف من قوى الطغاة العالمي.

عام ونصف مرت على اندلاع حرب غزة، ولا زالت الإبادة قائمة، وأهلها لا يزالون يقاومون، التدمير لم يبق حجراً، بل خيماً، ورغم ذلك تستهدف بقتل من فيها بغارات وهجمات لا توفر لا طفلاً ولا شيخاً ولا استغاثة، ورغم استمرار أهل الأرض بتعاطفهم، تسير المنظومة الأممية بقدميها إلى انهاء نفسها من خلال تغاضينها عن الارتكابات الجرمية المستمرة.

ويستمر اهل الأرض بالتشبث بجذورهم عميقاً، عاصين على مشاريع الترحيل «الترانسفير» المعلبة، إلى بلاد أخرى منها القريب وأيضا بعيدة، بتعاون مع أنظمة متآمرة.

كما تستمر مقاومة اهل الأرض بالموازاة، في تكبيد العدو الخسائر البشرية بجنوده وضباطه.

من غزة إلى جنين ومخيمات الضفة، المصير نفسه، ليأتي الحريق الكبير في القدس الذي يذيق المستوطنين بأماكن اقامتهم طعم ارتكاباتهم عينها بحق اهل فلسطين من نزوح، ليؤكد ان يدا فوق ايدي هؤلاء القتلة، تدخلت لتشغلهم عن الاستمرار في اهازيج النصر المعدة كانت لاحتفالاتهم ب «النكبة» لنا والتأسيس لدويلتهم في القادم من الأيام.

اما في الجنوب اللبناني، فلا زالت يد العدو تفعل وترتكب بطائراته ومسيراته، وبلغت مؤخراً خروقاته، نحو ثلاثة الاف خرق لا زالت تجري، تحت انظار اللجنة الدولية المولجة بوقف التعديات، فيما الدولة القائمة تتغنى بعهد جديد، ولا زالت تتلمس طريقه، بعهود ووعود بين الداخل والخارج.

والى الشمال الشرقي من بلادنا يلتف افعى المطامع التركية تارة بمساندة اطلسية وطوراً بالأدوات المذهبية الداخلية، وبمزاعم تعود للقرون الوسطى. فيفتعل المذابح بمن يدعوهم  «أقليات » من ساحل اللاذقية وطرطوس، إلى محيط دمشق وامتدادها نحو السويداء والجبل المتاخم للجولان في مخطط تتعاون فيه الامبريالية الأميركية والبريطانية ،خدمة لتمدد الكيان الصهيوني إلى ممرات استراتيجية في المنطقة وبقصد تعزيز واقع التقسيم الذي لم تعد تخفى أهدافه على أحد.

إذا، ليست لكل العقاقير والعلاجات المؤقتة أي جدوى امام حالة الانحدار المعنوي التي اصابت شعبنا وسط تكالب غايات الدول ومصالحها عليه، ووسط غياب الوحدة الروحية وتهافت شعور الانتماء الوطني والقومي.

وسط أبناء شعبنا الواحد ينبت الفطر السام، فيعزز شعور الارتهان للخارج، بينما امبراطوريات الاستعمار، تعتبران الوقت قد أزّف لاستكمال خريطة الشرق الأوسط الابراهيمي الجديد، ومحاصرة كل قدرة لأي رافض ومقاوم في الإقليم.

ان أهمية استقراء هذا الوقع، هدفه إعادة استنباط للوعي وتعميمه، لرفض حالة الفرض بالقوة وسياسة استقدام الاساطيل والطائرات، لإخضاع المنطقة امتدادا من اليمن المساند بقوة لغزة، إلى أصغر حي في الضاحية الجنوبية لبيروت (خيمة الجاموس) ومن اشرفية صحنايا وجرمانا في دمشق.

 امتنا تواجه أعتى قوة في التاريخ الحديث، تخطت بممارساتها التتار والمغول لكن عزم شعبنا لن يتراجع ولن يهزم طالما ايماننا مستمر ببناء مجتمع موحد الرؤية.

وفي تاريخنا عبّر كثيرة، عن هنيبعل الذي جعل من الحرب كأنها لعبة شطرنج، في احداها انتصرت روما ومنعته من سحب جنوده القتلى، ولكنه عندما انتصر حفيده هميلقار وسألوه سحب قتلاهم الرومان اذن لهم وقال، «نحن نحارب الأحياء لا الأموات»…  أيضا في أي سياق يضع التاريخ تحدي صور العظيمة مدينة تحرق نفسها ولا تستسلم للإسكندر؟ في أي موقع نضع هزيمة عدونا الوجودي بعد دخوله بيروت وخروجه خائبا بعد رصاصات خالد علوان ورفقاءه من بيروت، وخروجه مهزوما عام 2000 من كل الجنوب اللبناني؟

 امتنا ستبقى تطالب بالحياة الحرة في وطننا.. وستبقى تحب قصص الابطال وتغني لهم، وتهاجم الاقطاع كما تواجه الرأسمالية الفردية، كما تهاجم العقليات المتحجرة وكذلك الحزبيات الدينية المتآمرة.

إيماناُ بقول معلمنا، «ان فيكم قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ» من خلال بناء مجتمع جديد يعيد بناء الثقة والايمان بمهاجمة المفاسد وإعادة بناء النفسية الصحيحة التي تليق بأمتنا.