يوم الأرض / كيف نجذر مقولة الشعب والأرض

حرب التحرير حرب الوطن: كيف نجذر عقيدة الوطن في حرب التحرير: مقولة الشعب والأرض ونقض حدود الاستعمار الوهمية لتجزئتهما.

أولاً: لقد انبثقت من أراضي 1948، من شمالي فلسطين، من الناصرة التي قال عنها اليهود في توراتهم لا يخرج منها شيء حسن، فخرج منها المسيح الذي أسقط الشرنقة اليهودية بالمسكونية المسيحية، وخرج منها بعد 1967 يوم الأرض ليعيد القضية الى محورها الطبيعي، وليقول للذين جزأوا الأرض والشعب، صهاينة مغتصبين مزورين للتاريخ والحقيقة الإنسانية والجغرافيا، ورجعيين مستسلمين قبلوا بالتجزئة وارتضوا تحوير صراع الوجود الى صراع حدود، بأنه من الأرض التي ألبسوها رداء إسرائيل المزيف تنهض فلسطين المناضلة ويولد يوم الأرض فيحرج المستسلمون ويجابه المغتصبون وتسقط الحدود المصطنعة بين ما اغتصب في 1948 وما اغتصب في 1967 لأن الشعب واحد والأرض واحدة والقضية واحدة مهما زورت قرارات الهزيمة كالقرار 242 ومن قبل وعد بلفور وصك الانتداب وقرار انشاء إسرائيل.

 وتماماً كما هرّ يوم الأرض كل هذه الأوهام والحدود المصطنعة ليوحد نضال الشعب الواحد على الأرض الواحدة في فلسطين، فأنه في هذا اليوم، والصراع امتد خلال السنوات الماضية ليشارك اللبنانيين في الجنوب ومن قبل في كل لبنان، بمقاومتهم الوطنية للاحتلال الإسرائيلي وأهلنا في الجولان بانتفاضاتهم الشعبية المشرفة، أبناء فلسطين انتفاضتهم المتجددة التي اذا أعوزها السلام لم تستسلم ولم تبرد ولم تعلل بل انتضت خنجراً أو رجمت بحجارة وصولاً الى سيارة متفجرة ورشاش قاتل، في هذا اليوم كما أسقط يوم الأرض المنبعث من الناصرة خط الوهم بين أراضي 1948 و 1967، تتوحد الأرض بكفاح أبناء أمتنا لتسقط بوحدة الدم والمصير حدود سايكس- بيكو وتؤكد ما أكدناه دوماً وبخاصة في خطابنا في المجلس الوطني الفلسطيني في دورته في دمشق في 1978 من أن النضال الوطني والشخصية الوطنية هي هوية نضالية مرحلية لأبرز التناقض مع العدو المغتصب والمحتل ولكنها غير منفصلة عن الهوية القومية الأساسية والمصير القومي الواحد والنضال القومي الواحد والأرض القومية الواحدة.

 ان مقولة الشعب والأرض وارتباطهما الوثيق هي المقولة الوحيدة العلمية والصراعية في آن والتي بها وحدها نواجه خطر الاستيطان.

وهي مغادرة فعلية لمقولة البداوة التي تحدثت عن القوم والديار وليس عن الشعب والأرض ووحدتهما، اذ كان القوم ينزلون الديار ثم يرحلون عنها.

ولم تأخذ الأرض هذا الحجم في فكرنا القومي قبل مرحلة الصراع المصيري مع الصهيونية هذه.

الوطنيون الذين قاتلوا العدو في فلسطين أو لبنان أو الجولان هم قوميون أولاً وأخيراً، عرفوا أن قتال العدو لا يمكن أن يكون بعزل النضال في كل كيان من كيانات سايكس- بيكو أو حصره أو بتره عن معركة المصير القومي الواحد.

وأدركوا، وتجربة لبنان خير شاهد، ان المقاومة الوطنية المستندة الى عمقها القومي والى قرار الصمود القومي تصطنع المعجزات.

ان لبنان هو مخبر القضية القومية، فعلى أرضه قاتل الوطنيون اللبنانيون دفاعاً عن قضية فلسطين، وكان هذا قمة الوعي القومي. وأعطوا بذلك درساً لكيف يكون التجرد عن الذات والكيان الى حدّ الاستشهاد في سبيل القضية الواحدة. وما بذل الوطنيون اللبنانيون كل تلك الدماء ليجابهوا بكيانية قطرية فلسطينية، لقد صانوا قضية فلسطين بالمهج والارواح وافتدوها بلبنانهم الحبيب لتكون قضية فلسطين قضية الامة كلها. ويوم قاتلوا العدو الصهيوني كان قتالهم غير مستقل عن صمود شعبنا وقتاله في أرض فلسطين. بل ان معركة لبنان المجيدة التي امتزجت فيها دماء الوطنيين اللبنانيين بدماء جنود وضباط القوات العربية السورية بدماء المقاومين الفلسطينيين كانت معركة قومية بكل معنى الكلمة. ونتائجها كانت لمصلحة فلسطين. فحين أسقط اتفاق 17 أيار ترنح مشروع ريغان وتراجع زحف كامب دايفيد عن المنطقة، وأسقط مشروع تصفية قضية فلسطين.

ان الانحراف الخطير للقيادة اليمنية الفلسطينية كان في أنها جزأت الصراع فاعتبرت انتصارات لبنان على إسرائيل أو تحطم مؤامرات إسرائيل وأميركا على صخرة سوريا، لا تعنيها، مع أنها عنت فلسطين في الصميم. هكذا ينظر المنحرفون عن خط الصراع ووحدة المصير القومي.

الوطنيون الذين يقاتلون العدو هم قوميون أولا وأخيرا.أما أصحاب القرارات الوطنية المستقلة فأنهم حين يفصلون مصيرهم عن مصير الصراع القومي ككل يصبح القرار المستقل طريقاً لاتفاق 17 أيار أو اتفاق عمان.

صحيح أن نهج الانحراف وصل الى الطريق المسدود، ولكن ما هي العبرة وما هو الدرس؟ العودة عن هذا النهج تعني لا تحسين شروطه، بل نقضه من الأساس واستعادة علاقة العمق القومي والتحالفات المتصدية له قومياً ودولياً.

إن أكبر شاهد على خطل هذا النهج وخطره ان حتى التصريح الأميركي الهشّ والغامض والغفل عن التوقيع أو المصدر حول أن حقوق الفلسطينيين هي أبعد من القرار 242- ربما الحكم الذاتي مثلاً- نقضته واشنطن في اليوم التالي وبتصريح صريح وواضح ومحدد بأنها تدلي به بناء لرغبة أصدقائهما الإسرائيليين لتعلن لا للدولة الفلسطينية لا لتقرير المصير لا لمنظمة التحرير.

وكان حريا بأصحاب نهج الحلول الاستسلامية والتفاوض أن يلحظوا أن واشنطن تراجعت حتى عن البيان الأميركي – السوفياتي بناء لطلب إسرائيل فكيف عن تصريح مطلوب لمنظمة التحرير الفلسطينية مهما كان غامضاً وسيئاً.

إن الأوطان لا تسترد بالتفاوض ولا بالمناورات ولا بالمؤامرات.

إن طريق استرداد الوطن هو القتال من أجله.

من هنا الخلاصة ان الوطن تتجلى وحدته بالكفاح وان الشعب يستعيد هويته بالكفاح وان صراع الوجود ضد العدو الصهيوني لا يسقط مقولة حرب الحدود معه وحسب بل يسقط حدود التقسيم والتجزئة وتزييف الهوية القومية الواحدة ليس منذ قرار تقسيم فلسطين فحسب بل منذ تقسيم محيط فلسطين القومي في سورية الطبيعية منذ سايكس _بيكو فكيف لو نعيد ،ونعمم يوم الأرض من فلسطين الى لبنان الى الجولان يوم ارضنا القومية كلها .

إنعام رعد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *