المعلم القومي ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو حارس للقيم، ومرشد للأجيال، وصانع للمستقبل. إنّه ذلك المعلم الذي يلتزم أخلاقياً، ويحمل في قلبه رسالة سامية، ويسعى إلى بناء مجتمع قوي ومتماسك.
المعلم القومي يتجاوز حدود التعليم التقليدي بعملِه وشخصيتِه. فهو ملتزم بمعايير أخلاقيّة عالية، يظهر النزاهة والصدق والنخوة في تعاملِه مع طلابه وزملائه، يعكس القِيَم الوطنية والاجتماعية، ويربّي طلابَه على احترامِها وتقديرِها. كما قال أنطون سعاده: «لا يكون المربّي المنشئ عاملاً بمناقبية الحرية والواجب والنظام والقوة حين يُنزِل بمهمتِه العالية القَيِّمة إلى درك مهنةٍ كسبيّةٍ للمعاش.»
يَغْرسُ المعلم القومي حبَّ الوطن والإنتماء في نفوس طلابه. يعلّمُهم شأنَ الثقافة الوطنية والتاريخ، ويعمل على تعزيز الهويّة القومية، ليكون الطلاب فخورين بتراثِهم وحضارتِهم. يتمتّع المعلم القومي بكفاءةٍ علميّة ومهنيّة عالية، حيث يَمتلِك معرفةً عميقة في تخصُّصِه، ويَحرَصُ على تطوير مهاراتِه باستمرار. يستخدم أساليبَ تعليمية حديثة وفعّالة، ويجعل الطلاب مندمجين في العمليّة التعليميّة بشكلٍ إيجابي.
يكون المعلم القومي قدوةً لطلابِه، يحفٍّزُهُم على التفكير الإبداعي والنقدي.
يشجّعهم على المشاركة الفاعلة في المجتمع، والعمل من أجل تقدّمِه وازدهاره.
يعامل جميع الطلاب بعدل دون تمييز على أساس الدين أو العائلة أو المكان، ويعطي كل طالب فرصة متساوية. يدعم الطلاب الذين يواجهون التحدّيات، بينما يقدّم تحدّياتٍ أكبر لأصحاب المواهب النيّرة.
يتعامل المعلم القومي مع التحدّيات التعليمية بمرونة، ويُبدِعُ في إيجاد حلول للمشكلات. يتكيّف مع التغيراتِ الإجتماعية والتكنولوجية، ويوظِّفُها لصالح العملية التعليمية. يكون على دراية بالثقافة الوطنية والعالمية.
يشارك في الأنشطة المجتمعية، ويساهم في تطوير المجتمع من خلال تعزيز روح المسؤوليّة لدى طلابه. يُبرزُ إنجازاتِ الأمّة التاريخية ودورَها في الحضارة الإنسانية، ويجعل الطلابَ فخورين بانتمائِهم. إنه ليس مجرّد ناقل للمعرفة، بل هو صانع للأجيال، ومرشد للقيم، وحارس للهوية. «فلا يكون المدرس معلماً قومياً اجتماعياً صحيحاً إلا حين يرى مهمَّتَه القومية الاجتماعية أعلى قدراً من نفسِه ومن مهنتِه الكسبية… المعلم القومي هو جندي في خط الهجوم الأول، يَدخل صلب المعركة ليحارب من أجل إنقاذ نفوس الأحداث من العقائد الغريبة أو المتأخرة» (سعاده).
نطلب من معالي وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي، ومن الحكومة، وكلّ من له شأن تربوي أو تأثير في هذا المجال، أن لا يتخلوا عن هذا الجندي الذي يقف في خط الهجوم الأول. إنّ المعلمين والمربين لا يسعون إلى كسْب الثروات، بل هم يحملون رسالة سامية.
«إن معركة التثقيف لا تزال في بِدئِها، إنّها جبهة من جبهات الحرب العقائدية الكبرى، إنها حربُنا المقدّسة» (سعاده). لذلك، نطالب بتكثيف الجهود لرفع شأن الأساتذة على جميع تسمياتِهم، سواء كانوا من الملاك أو المتعاقدين. كما نطالب بتحسين الأوضاع الإقتصادية التي تَفرض على المعلمين خياراتٍ صعبة، مثل تعليم المناهج الأجنبية بسبب عدم تطوّر المناهج الوطنية. المعلم القومي هو حجر الأساس في بناء المجتمع، هو صانع للأجيال، ومرشد للقِيَم، وحارس للهوية. فلنعمل جميعاً على دعمِه وتقديرِه، لأنّه يستحق أن يكون في مقدمةِ الصفوف، يدافع عن مستقبلِ أمّتِنا بأخلاقِه وعِلمِه وإخلاصِه.