لا لتبرير القتل ونعم لوحدة الوطن

إن ما حصل في سوريا وساحلها من مجازر مروعة مؤخراً ومنذ سنوات وسفك للدماء بلا توقف، وسط تدخلات خارجية وصراعات داخلية حوّلت البلاد إلى ساحة حرب تخدم مصالح الأعداء. ما يحدث ليس مجرد أزمة سياسية أو نزاع داخلي، بل هو نتيجة مؤامرات دولية وإقليمية جعلت من سوريا مسرحاً لتنفيذ أجندات خارجية، على رأسها المشروع الصهيوني، الأطماع التركية، وبعض السياسات الخليجية التي ساهمت في تغذية الفوضى مالياً وإعلامياً.

‏ما يجب التأكيد عليه هو أن وقف نزيف الدم السوري هو مسؤولية وطنية وأخلاقية على كل مخلص لوحدة سوريا واستقلالها. من غير المقبول أن يستمر الذبح بين أبناء الوطن الواحد تحت أي ذريعة، سواء أكانت طائفية أم سياسية أم أيديولوجية. إن تبرير المجازر، أو المقارنة بين أنظمة وحكومات سابقة وحالية لتسويغ الجرائم الحالية، هو انحراف عن جوهر القضية وتشريع لاستمرار المأساة.

‏عندما نقول إن كل من مهّد الطريق لسيطرة الجولاني وأمثاله، ودعمهم أو أيدهم، مسؤول عن الجرائم التي تُرتكب اليوم، فإننا لا نتحدث عن موقف سياسي، بل عن واقع مرير يدفع ثمنه الأبرياء. المذابح التي تجري تحت حكم هذه الجماعات هي امتداد للمشروع الذي أراد تدمير سوريا وتقسيمها، وهي نتيجة مباشرة لسنوات من التواطؤ والدعم الخارجي الذي سهّل سيطرة الإرهاب على أراضٍ سورية.

‏إن التركيز اليوم يجب أن يكون على الحلول، وليس على تبرير القتل أو المقارنات العقيمة بين الماضي والحاضر. لا يمكن اختزال الكارثة السورية في صراع بين أنظمة، لأن المذابح التي تحدث الآن على أساس الهوية والدين هي جريمة بحق الإنسانية كلها. إنقاذ سوريا يتطلب موقفًا واضحًا… لا لتقسيم البلاد، لا لاستمرار سفك الدماء، لا للتدخلات الخارجية التي جعلت من سوريا رهينة لمصالح قوى إقليمية ودولية.

‏إن تحرير فلسطين يبدأ من وحدة سوريا، لأن تدمير سوريا هو خدمة مباشرة للمشروع الصهيوني. من يؤمن بعدالة القضية الفلسطينية يجب أن يكون مع وحدة سوريا، لأنهما معركتان مترابطتان في مواجهة مشروع واحد يسعى لتفتيت المنطقة وإضعافها.

‏نحن لا نريد نقاشات عقيمة، ولا تبريرًا للقتل، بل نريد موقفًا وطنيًا وإنسانيًا يرفض استمرار المذابح ويسعى إلى وقف نزيف الدم السوري، لأن سوريا القوية الموحدة هي الضمانة الأساسية لمستقبل فلسطين والمنطقة.

النائب السابق في مجلس النواب الأردني الدكتور طارق سامي خوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *