الاول من آذار بين الواقع والمراد

جرت تقاليد النهضة وابنائها ان يحتفوا ببهجة وبسرور بأذار، فهو شهر الربيع وموعد خروج ادونيس من اعماق الارض معلنا عودته للحياة وعودة الحياة للأرض، والموعد الذي صادف ولادة باعث النهضة وبانيها وشهيدها.

ولكن ما جرى في ساحتنا القومية على مدى عقد ونصف وتفاقم في بضع الاشهر الماضية جعل الذكرى حزينة، فالشام في حال لا تسر اذ يحكمها رجل تركيا الذي يرى في تمددها شمالا عملا طبيعيا في حين لا يعترض على التمدد (الاسرائيلي) في الجنوب ولا يراه يهدد الوجود ولا الحدود ،وها هو الاسرائيلي من شرق الجولان الى اطراف درعا ويتحدث عن دويلة وظيفية طائفية تعمل في خدمته وتلتف شرقا لتتواصل مع الدولة الكردية التي يجاهر الاكراد انهم بصلب اعلانها لتقطع الطريق على التواصل الشامي العراقي، فيما مليشيات التكفير كل منها يريد قطعة من ارض الشام ليقيم عليها دويلته و يطبق تكفيره بحق المجتمع.

في لبنان الذي نال من الضربات كثيرا فبعد ان قدمت المقاومة واجبها دعما واسنادا لغزه، ومع سقوط الشام وانكفاء محور المقاومة، لم يعد بنظر السلطة من هدف سياسي لاستمرار هذا القتال، الامر الذي ترافق مع زيادة النفوذ غير الصديق في لبنان وصولا الى ان اصبح هذا الوجود هو من يختار الرئيس والتشكيل الحكومي، فيما الرئيس والتشكيل الحكومي يرون المقاومة وسلاحها مصدر التهديد للبنان، لا من يحتل جنوبه ويتطلع الى قضم المزيد من ارضه ومائه.

غزه التي انهكتها الحرب وبذلت ما يفوق الخيال، مقاومة ومجتمع ها هو (الاسرائيلي) يستعد لمعاودة الحرب عليها بعد ان لم يبق بها شجر او حجر فيما استنفذت المقاومة ذخائرها وارواح شبابها وذلك من اجل تنفيذ مشاريع تهجير اهلها الذين يفتك بهم الجوع والمطر والبرد.

الضفة الغربية يجتاحها (الاسرائيلي) ويعلن عن خطتي الضم والتهجير، يدمر مخيماتها ويهجر المهاجرين هجرة ثانية تمهيدا لهجرة ثالثة بطردهم الى شرق نهر الاردن.

في اذار 2025 نستطيع القول بصدق ووجع: نحن لسنا بخير، ولكنها ازمنة الصعاب التي تمر على الامم الحية والتي لابد ولا طريق امامنا الا طريق الصمود والمواجهة والالتزام بفتى اذار وفكره وعقيدته التي بها الخلاص ولا باس من استعارة نظرية المفكر الايطالي اليساري غرمشي التي تحدثت عن تشاؤم العقل وتفاؤل الارادة.

برغم كل ما تقدم ليس امامنا الا هذا التفاؤل المقرون بالعمل من اجل غد  افضل بهذه الطريقة نستطيع ان نحتفل بأول اذار وبما يليق بصاحب الذكرى ولعلني على يقين انكم تعرفون من اين نبدأ.

جنين- فلسطين المحتلة