في الأول من أذار من كل عام، نستذكر ميلاد أنطون سعاده، الزعيم والمفكر الثوري الذي لم يكن مجرد قائد سياسي، بل كان حاملًا لمشروع نهضوي متكامل، هدفه تحقيق وحدة الأمة السورية ونهضتها على أسس الحرية، والواجب، والنظام، والقوة. في هذا اليوم، لا نحتفي فقط بذكرى ولادته، بل نجدده كرمز للفكر المقاوم، وصوتًا ينادي بوحدة القوى القومية في مواجهة التحديات المصيرية التي تعصف بأمتنا.
لقد أدرك سعاده أن التجزئة والفرقة هما السلاح الأخطر الذي يستهدف الأمة، وكان يؤكد دائما أن «المجتمع معرفة، والمعرفة قوة، والقوة هي القول الفصل في أثبات الحق القومي أو أنكاره». واليوم، في ظل ما تواجهه امتنا من عدوان واستباحة للأرض والكرامة، من غزة الى جنوب لبنان، ومن الشام الى العراق، بات من الضروري أن تترجم هذه القوة إلى واقع ملموس عبر وحدة الصف القومي تحت راية واحدة مؤثرة وفاعلة.
إن الدعوة للوحدة ليست مجرد شعار، بل ضرورة وجودية، فالتشرذم الذي تعانيه القوى القومية هو أحد أسباب ضعفها، بينما العدو لا يرى أمامه إلا لغة القوة والتنظيم الفاعل. وكما قال سعاده: «ليست الحياة وقوفًا عند لحظة من الماضي، بل هي سير حثيث إلى الأمام»، لذا فإن السير إلى الأمام اليوم يتطلب تجاوز الخلافات، والعودة إلى جوهر الفكرة القومية كإرادة ومشروع، وليس كعناوين متفرقة لا تأثير لها في الواقع.
نخاطب اليوم جميع القوميين المؤمنين بفكر سعاده، في مختلف مواقعهم ومسمياتهم، أن وحدة الهدف تفرض وحدة التنظيم والعمل، وانه آن الأوان لترك الحسابات الضيقة والانطلاق نحو مشروع قومي نهضوي يجمع كل القوى الفاعلة تحت راية واحدة، قادرة على مواجهة التحديات وإعادة التوازن إلى معادلة الصراع.
في ذكرى ميلاد الزعيم، لنعد إلى جوهر فكره ونهجه، ولنعمل على تحقيق رويته بوعي وإرادة لا تلين، لان «الحياة كلها وقفة عز فقط»، وهذه الوقفة لا تكتمل إلا بوحدة المؤمنين بها، قوةً مؤثرة وفاعلة في معركة الوجود والمصير.