تصدر خبر وفاة وديع وسوف، الابن البكر لـ سلطان الطرب جورج وسوف، المشهد في اليومين الماضيين، فكان اسمه حديث الناس والوسائل الاعلامية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
منذ لحظة الكشف عن وجود وديع وسوف في المستشفى بوضع صحي حرج وحتى لحظة اعلان خبر الوفاة، انتشرت الكثير من الاخبار والمعلومات المتضاربة، بينها ما هو صحيح ومنها ما هو عارٍ عن الصحة، الا ان “السكوب” الاعلامي بات يفرض نفسه في هكذا مواقف طمعًا بتحقيق اعلى نسبة مشاهدة، دون الاخذ بعين الاعتبار الانعكاس السلبي على اصحاب العلاقة الذين يتفاجؤون بأخبار مغلوطة تخصهم، نُشرت دون ان يتكبّد الناشر عناء البحث والاستفسار والتأكد من الخبر قبل توزيعه.
ولو ان الموضوع يقف عند الاخبار والمعلومات المغلوطة لكان الامر بالسهل، الا انه يتعدى الى ما هو اخطر من ذلك، حيث تبدأ المنافسة على “سكوب” في التغطيات الصحافية لمراسم العزاء، فيتجاهل البعض حرمة الموت ويصبّ كل تركيزه على الارقام التي ستحققها الوسيلة التي يعمل بها، بفضل اللقطات التي يصورها.
فبعد اعلان خبر وفاة وديع جورج وسوف، والكشف عن مكان وموعد العزاء، توافد عدد من الشخصيات الفنية والسياسية والاعلامية الى كنيسة مارنقولا في الاشرفية، لتقديم واجب العزاء محاولين مواساة سلطان الطرب في هذا المصاب الاليم، ومتمنين ان يلهمه الله الصبر والسلوان بعد هذه الفاجعة التي المّت به.
الدور الابرز في هكذا حدث كان للاعلام، اذ كانت طريقة التغطية “غير المهنية” العنوان الانسب لمعظم وسائل الاعلام، التي هرع مراسلوها الى تصوير لحظات من المفترض ان تكون خاصة بأهل الفقيد، لكنهم لم يتركوا لهم حتى فرصة التعبير عن حزنهم ووجعهم كما يريدون، بل كانت عدسات الكاميرات موجّهة اليهم كيفما اتجهوا “لعيون الرايتينغ”.
سلطان الطرب جورج وسوف الذي كان يعيش حزنه على طريقته الخاصة، فيئنّ حينًا ويتماسك حينًا آخر، لم يسلم من عدسات الكاميرات و”وقاحة” بعض المصورين والصحفيين، الذين لم يملّوا من التقاط الصور ومقاطع الفيديو له خلال محاولته التعبير عن حزنه بدمعة او بتنهيدة، او حتى خلال استقباله المعزين من سياسيين وفنانين واعلاميين وغيرهم.
وبالرغم من المناشدات المستمرة من قبل المقربين من وسوف، للصحفيين ومطالبتهم بالابتعاد والتوقف عن التصوير، الا ان البعض بقي مصرًا على ان “السكوب” اهم من “حرمة الموت”، وان المشاهد ينتظر تلك اللقطات ليشعر انه يشارك العائلة حزنها، في حين كان يتذرّع البعض الاخر بأن واجبهم المهني يفرض عليهم تغطية الحدث بدقة، مع الاشارة الى ان هناك عدد ولو ضئيل من الاعلاميين والمصورين احترموا رغبة العائلة بعدم التصوير واكتفوا بأخذ مشاهد ولقطات عامة تظهر اجواء العزاء.
وبعد، فالموضوع في هكذا مناسبات لا يقتصر على عائلة الفقيد فحسب، بل على المعزين ايضا، وخصوصا اذا كانوا شخصيات عامة، اذ يتهافت الصحافيون لاخذ حديث من هنا وكلمة من هناك، تكون بمثابة رسالة لاصحاب العلاقة بأنهم الى جانبهم في هذا المصاب، مع الدعوات لهم بالصبر.
وبما ان الفقيد هو نجل سلطان الطرب جورج وسوف، فكان من البديهي ان يحضر عدد كبير من الفنانين والاعلاميين وحتى السياسيين، ما جعل مراسلو الوسائل الاعلامية يتهافتون اليهم لدى وصولهم الى الكنيسة، محاولين الفوز بتصريح منهم ولو مقتضب.
وهنا ينقسم هؤلاء الى عدة اقسام، فمنهم لا يمانع الامر ويتقدم بكل لباقة باتجاه الصحافيين ليدلي بكلمته، بينما يختبئ البعض الاخر خلف مرافقيه الذين لا يخجلون من ضرب الصحافيين في حال حاولوا الاقتراب من هذه الشخصية او تلك، في حين يفضل آخرون التزام الصمت في حضرة الموت، لتكون هذه الرسالة الانسب.
المشهد امس كان كافٍ لتجسيد ما ذُكر اعلاه، فمن تابع النقل المباشر لبعض وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية، شاهد كل تلك التفاصيل؛ ولكن، لعنة الرايتينغ باتت الدافع الابرز لعدد كبير من الاعلاميين للتخلي عن “المهنية” في العمل الصحفي واستبدالها بـ”السكوب” لكسب مشاهدات تُترجم لاحقًا بحفنة من الدولارات.