منذ إعلان دولة لبنان الكبير على لسان غورو الفرنسي يطوقه رجال دين مسلمين ومسيحيين وبات حال الوطن الجديد كمركب متوسط الحجم تعرض لعاصفة هوجاء وسط المحيط، رغم انه يقع على الضفة الشرقية للبحر المتوسط.
إن تحديد الأسباب الكامنة وراء الأزمات التي يعيشها الوطن الجديد مدخل إلزامي لكل من يريد أن يفخر بحمله لهوية أفلتت من عقالها التاريخيّ ولم ترس على بر حتى اللحظة.
رغم أن إعلان الدولة الجديدة كان مبتوراً بعض الشيء وذلك لرفض اغلب قاطنيه الهوية الجديدة إلا انه مع النماذج التي أنشأت في المنطقة، شكل ملاذ أمن لأفرع الأديان والمذاهب وحتى للإثنيات على خلافها. فقد تجد حزباً وازناً وتاريخياً لا يتمثل بالندوة النيابية أو الحكومة هذا الأمر لا ينسحب على الأقليات فهم دائمي التمثيل في المجلسين. صفة الملجأ قدمت خدمة للطوائف لكنها حملت معها بذرة الفناء مع النزوحين الفلسطيني والسوري، هويتان جديدتان للامس القريب كان يمكن لمن حمل هويتهما أن يتوجه شمالا أو جنوباً غرباً أو شرقاً دون اي تحفظ يذكر أو من يسأل اي منهما ماذا تفعل هنا. وللعلم أن حاملي هاتين الهويتين هم موضع مسائلة من كل أفرع الأديان والمذاهب حتى للمتشدقين بالأمتين العربية والإسلامية من حاملي الفكر السياسي.
أوسلو في الأمس وانهيار النظام البعثي في دمشق اليوم، هذان الأمران زادا من الضغط على البلاد التي أعلنها غورو، وأصبح الجميع يتوجس خائفا على المصير اللبناني حتى المقاومة التي أمنت ملاذاً آمناً للنازحين من الشام أصبحت تتوجس منهم بعد أن لمست ما فعله البعض منهم عبر اتصاله بالعدو لتحديد مواقعها العسكرية جنوباً وبقاعاً. هذا الضغط الديموغرافي فضلا عن الانهيار الاقتصادي الذي قد يستلذ فوضى أمنية بدأت ملامحها تتكشف في الضاحية والبقاع، الاتجاه الحالي للحكومة واغلب القوى التي تقف خلف تشكيلها ينذر بعاصفة لا تشبه العواصف السابقة،
أن تفادي حصولها اصبح مسؤولية الجميع مقاومين كانوا أم مراهنين على غرب، جلّ ما يرومه نهب الثروة المرتقبة في المتوسط .