في بلادنا، صنوان يسيران بالتوازي ولن يلتقيا أبداً.
فيما البعض لا يزال يشيع الشهداء، يرفعهم من تحت الركام ويودعهم، ينثر الورد والعطر على أجساد زرعت تراب بلادنا دمها، الذي يزهر عزماً وبطولة، دخلت وجداننا والتاريخ.
وفيما القوميون الاجتماعيون المقاومون تتقدمهم قيادة شجاعة، اختارت أن تكون في مواقع العز الذي يصنعه دم الشهداء، وان تصون وديعة الأمة وتزرعها في الخيار الاستراتيجي السليم، مع الأحزاب المقاومة الأخرى، فكان تشييع الشهداء المفقودي الأثر الذين تم العثور عليهم في الحافة الأمامية، في النبطية والصرفند، والى اللبوة في البقاع الشمالي والسعيدة غربي بعلبك، يحملون أجسادهم ذخائر عز وفخر إلى تراب البلاد المقدس.
أحد عشر قمراً من حزبنا، عملوا بقسمهم أن صراعهم مع عدو أمتهم هو صراع الحديد والنار، هذا العدو المغتصب الذي قصد أن يهزمنا، وقاتله شعبنا في لبنان بمقاوماته كلها، وكانت وقفاته البطولية، درساً للتاريخ وللأجيال القادمة على السواء، تؤكد عدم انهزام مقاومة شعب في التاريخ والأمثلة عديدة.
اليوم نحن نتحدى طاغوت العالم اجمع، في فلسطين ومن غزة شعب يقاوم أبادته وينتصر، وها أجساد شهدائه تصنع النصر ويخرج أبطاله من السجون يحملون هاجس الصمود أكثر حتى الاستشهاد على تراب بلادهم.
في المقابل، بعض من أعداء البلاد والمرتهنين لهم يحيكون لبلادنا مشاريع التدمير والتطبيع، مرة بالسياسة، وأخرى بالحرب والمعركة سجال.
بيننا وبين هذا العدو وداعميه، مشروع اغتصاب وخطة نظامية يجري استكمالها لبلادنا، وقد باتت اليوم دون أقنعة، لا من أبناء البلاد المنخرطين طوعاً في المشروع، كما الداعمين من محور أميركا وحلفائها.
أبناء من شعبنا، تنطلي عليهم وعود الخارج، والعناوين عديدة أبرزها حب الحياة، ولن نناقش مدى تطابق هذه المعاني مع صيغة هيمنة الطامعين بأرضنا وثرواتنا وإفقارنا أيضاً.
إن الهيمنة على المنطقة بعنوان الشرق الأوسط الجديد ليس جديداً، بل هو مستمر وسبق لكونداليزا رايس أن حملته إلينا خلال حرب تموز عام 2006 وفوق أنقاض الدمار وأشلاء الشهداء أعلنت « أن ما نشهده هو مخاض الشرق الأوسط الجديد …»
لم يتبدل النص الأميركي كثيراً اليوم، وهذا ما قصدته وقاحة وغباء مورغان اورتاغوس، نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، والمتبنية للسردية «الإسرائيلية» وفيها اغتباطها وامتناتها «للهزيمة» المزعومة التي صنعتها دولة العدو لمقاومة شعبنا، متخطية اعترافات إدارة العدو نفسها وتخبطها واستقالات أعضائها وأبرزهم غالانت وزير حرب العدو، والذي يكرر تصريحاته، قائلاً أن ما حصل في الميدان وعلى ارض الواقع، يظهر عكس كلام نتنياهو، عن تفوقاً ويضيف ان المعركة مع الحزب طويلة وقدراته وإنفاقه إلى الآن مجهولة وما يقال في الإعلام هراء».
أيضاً ليس عابراً كلام داعم دولة العدو الأبرز دونالد ترامب، عن نيته إنشاء «ريفييرا» خاصة له على شواطئ غزة وإجراء «ترانسفير» للفلسطينيين إلى الأردن ومصر … وأيضاً إلى السعودية!! وهذا ما حرك المملكة السعودية إلى عقد مؤتمر قمة عربية عاجل يبحث الأمر بعجالة.
وأيضاً في جنوب لبنان، لا زال العدو يجدد مزاعمه بإطالة أمد الهدنة، وبعد مرور الستين يوماً، ثم تجديدها إلى الثامن عشر من شباط، وتستمر الخروقات، وكذلك التدمير المتواصل للبيوت وحرق ما تبقى وجعلها المنطقة جرداء رمادية لا حياة فيها، بمحاولة إقناع البعض أنها مخازن صواريخ. وكما يبدو من كلام المحللين، فأن العدو، لا يبدو انه سيغادر … وهكذا لا خيار الا المقاومة، التي لن تدعه يبقى في أرضنا
بعد كل الدم والتضحيات.
لكن لا مجال للاستهانة بكل ما يجري في كامل المنطقة، من فلسطين إلى جنوب لبنان والأردن ومصر وأيضاً أراضي الجمهورية السورية التي استطاع العدو أن يخترق خطوط الهدنة ويتقدم نحو قمم جبل الشيخ وصولاُ إلى حدود دمشق وليس قاسيون ببعيد، بعد التدمير الذي تم للبنية العسكرية وسلاح الدولة.
ومن هذه الحدود الشرقية بين لبنان والشام يبدو أن أمراً يصاغ لمحاصرة لبنان المقاوم، وتحت عنوان وقف التهريب الذي يفرح بعض الداخل، تجري عملية زرع الشكوك بقدرة الجيش اللبناني على فرض وجوده وقد تؤدي الاشتباكات إلى الاستعانة بقوات دولية، كما على حدوده الجنوبية.
هكذا اذاً يتمادى الدعم الأميركي ـ الدولي لكيان الاغتصاب فتنكشف غاياته تباعاً….. عدونا يريد بلادنا، للكننا بمقاومتنا نرفض التنازل نرفض الهرب، ونرفض أن نذل.
وما الخيانة القائمة اليوم، بالانصياع لرغبات العدو، والتي تحاول أن تجعل من العمالة وجهة نظر، «إلا خدمة غايات خاصة لعدد أو عائلة أما نحن فنخدم غاية الشعب بأسره»
أعداء امتنا يريدون والمؤامرة مكشوفة، ونحن نريد ولأننا أهل الأرض سنبقى اقوى، وحتى من «دولة أوسلو» المستسلمة يرفض شعبنا التهجير ملتقياً مع أخوتهم في غزة الصامدين رغم الظلم والموت ومعهم أهل الجنوب، العائدين بعزم وقوة يزرعون ويبنون ويصمدون.. ويستشهدون.
نحن في الاستشهاد نحيا وأيضاً في معركة التزايد الديمغرافي وتباركت أرحام أمهات بلادنا.
قرار شعبنا وحزبنا وحلفائه وممثليه إصرار على المقاومة ورفض التطبيع والاستسلام وتعزيز الوعي وبناء مجتمعاتنا الموحدة الرؤية ،هو قرار لن يموت وكذلك امتنا .