صفقة القرن من جديد

انطلق الخطاب اليهودي الصهيوني في مؤتمر بازل عام 1897 قائلاً على أن فلسطين أرض بلا شعب يحتاجها شعب بلا أرض وهو الشعب اليهودي الذي يملك حقوقاً ربانيه وتاريخيه فيها وأنه إن وجد بها بعض السكان البدائيين فعليهم الرحيل منها لصالح أصحابها الحقيقيين ولكن الشاهد حقوق الدولة الأهم الذي بقي كان في إنشاء وكاله غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا التي حاولت الدبلوماسية (الإسرائيلية) شطبها منذ تأسيسها عام 1950.

بعيد انتخاب دونالد ترامب في رئاسته الأولى 2016 2020 أعلن عن مشروعه الشرق أوسطي الهاتف إلى إنهاء الصراع في الشرق الأوسط لمره واحده وللابد واطلق على مشروعه اسم صفقه القرن التي منح بموجبها لدوله الاحتلال 61% الضفة الغربية وكامل الجولان السوري والقدس التي نقل سفاره بلاده إليها باعتبارها العاصمة الأبدية والتاريخية والشرعية للدولة اليهودية وتحدث بشكل عابر عن إقامه دوله فلسطينية فيما تبقى من الأرض التي لم يتبقى منها إلا أقل القليل على أن تكون منزوعة من كل مقومات الدولة من حدود وامن وسلاح وسياده وأوقف تمويل الأونروا باعتبارها ذلك الشاهد الذي يجب تغيبه وبهذا يكون ترامب قد حدد المحل الصراع يكون بتحقيق كل مطالب إسرائيل وقد ارفق مبادرته هذه بالتهديد والوعيد لمن يقف في طريقها.

وبما أن (الاسرائيلي) كان على علم مسبق للخطة أو على الأقل بالأفكار فقد استعد لها اذ رافق الحديث عن صفقه القرن مع الخطة التي اعلنها سموترتش والتي تعبر عن توجهات الأغلبية اليمينية في دوله الاحتلال والتي تطابقت في كثير من جوانبها مع صفقه القرن وذهبت في بعض جوانبها لما هو ابعد ومن سجم مع الرؤية الترامبيه لاحقا في رئاسته الجديدة.

خطة سموترتش تذهب أن الضفة الغربية هي أرض (إسرائيل) القديمة يهوذا والسامرة وانها يجب أن تضم بكاملها إلى إسرائيل كجغرافيا لا كديموغرافيا أما السكان فلا مكان لهم ولا حقوق وإنما عليهم الرحيل ومن يتبقى منه فعليه أن يعرف انه سيكون مواطن غير متساوي في الحقوق مع المواطن اليهودي ولا باس من بقاء أعداد قليله فأبناء الله يحتاجون إلى حطابنا وسقعين يعملون في خدمتهم وذلك كما ورد بالمفردات التوراتية التي يمكن ترجمتها إلى اللغة المعاصرة عمال نظافة (زبالون) وعتالون وما إلى ذلك من أعمال. هذه الخطة أصبحت برنامج عمل الحكومة الحالية التي كانت تستعجل في تنفيذها لولا ما حصل صبيحه السابع من تشرين أول 2023 وما لحقه من حرب ضاريه على مدى 15 شهرا.

لكن الرئيس ترامب فور تسلمه مهامه الدستورية في العشرين من الشهر الماضي اعلن عن ما هو جديد في صفقته وبما ينسجم مع خطه سموترتش وذلك فيما قاله عن مكالمتين أجراهما مع الملك عبد الله والرئيس السيسي يطالبهم وبلهجه أمره وقاطعه باستقبال لاجئين فلسطينيين من غزه.

مع الردود الإعلامية الأردنية والمصرية الرافضة وما صدر من بيان عن جامعه الدول العربية إلا أن التسريبات والوقائع تذهب في الاتجاه الأخر فالأردن يريد اللاجئين من صغار السن والعجائز دون جيل الشباب لأسباب تتعلق بأمنه فيما نصر التي تم استثنائها من قطع المساعدات الأمريكية كانت قد أقامت مخيمات قد تكون اقرب للمدن في سيناء الاستقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزه وذلك في اشهر الحرب الأولى.

مع خفوت أصوات المدافع في لبنان وغزه شرع (الإسرائيلي) في تنفيذ خطته في الضفة الغربية والقائمة على الضم والتهجير للفلسطينيين، هذه الخطة تحتاج إلى حرب على الضفة الغربية وسكانها تجعل من حياتهم جحيما لا يطاق و تدفعهم للهدرة الطوعية، و هي بذات الضراوة والقسوة التي مارستها حكومة الاحتلال في غزه مع فارق ان الضفة الغربية لا تملك مقومات القتال التي توافرت لدى غزه.

استطاعت (إسرائيل) وبشكل سريع قطع أشواط في تنفيذ خطتها هذه، وهو ما بدا واضحا عصر اللاحد في مخيم جنين حيث قام الجيش (الإسرائيلي) بنسف أحياء كامله في المخيم الذي لم يبقى به من السكان إلا القليل جداً، فهذه الخطة عندما تبدا بتدمير المخيم كرمز لمساله اللجوء الفلسطيني فهو يريدها مقدمه للشروع في تصفيه وكاله غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

ستتواصل الحرب في الضفة الغربية، و وفق ما صرح رئيس أركان الجيش الجديد أن عام 2025 هو عام قتال و حرب، وليس أمام ما تبقى من الفلسطينيين إلا خيار طارق بن زياد عند فتح الأندلس : العدو من أمامكم والبحر ومن ورائكم، ليس أمامكم إلا الصدق والصبر، إلا الصمود، فيما يغيب الأخرين عن الدعم حتى المعنوي، ويشاهد الفلسطيني الحزين الدرس الأكثر بلاغه في الدول التي طبعت مع (إسرائيل) وأقامت علاقات تصالحيه معها، أنها هي التي عليها أن تدفع الثمن فالتطبيع لم ينقذها وإنما ساهم في تورطها اكثر فاكثر.