المقاومة في فلسطين ولبنان قاتلت الموت وانتصرت

على مدى سنة وأربعة أشهر متواصلة قاتلت المقاومة في فلسطين ولبنان، الموت المتمثل بالوحشية. التي جسدتها الممارسات اليهودية والارادة الاستعمارية أن في لبنان أو فلسطين وخلال أربعة عشر شهرا ضاقت السماء وحجبت الشمس وزلزلت الأرض وكانت البراكين في كل بقعة، وبقيت المقاومة هي فقط الحق ونور الحقيقة الساطع، وما خفضت جناح ولا رفعت راية بيضاء.

 في فلسطين ولبنان تناثرت أجساد أطفالنا مزقا وصارت بيوتنا رماداً كأنها لم تكن، مع ذلك بقيت المقاومة وبدماء أبطالها تخلق للأمة حياة جديدة، كلما دمر العدو بيتا وبستانا. في فلسطين ولبنان رمى المقاوم البطل فرديته وانانيته وزهوة الحياة الذليلة وذاب في قضية الامة وحياة الامة ورسم بدمائه أبهى صور للحياة الجديدة السعيدة. رغم الاطنان من المتفجرات التي سقطت على بلادنا بقيت ارادة المقاومة في شعبنا السوري قوية ومتينة وصلبة. ورغم ثقل الغبار التضليلي الذي افتعلته شذرات مارقة من شعبنا، ما توقفت لمعات سيوف الحقيقة عن شق ظلمة الغبار وعن سحق مكر الاعداء.

من فلسطين ولبنان ومن كل بقعة سورية مدمرة ومهدمة ومحروقة خرجت يد المقاومة رافعة الشمس إلى قبب السماء لتنير الانسانية جمعاء. أن البعض الغبي البغيض من هؤلاء الذين   ملأوا الشاشات وهن وظلام والذين حاولوا أن يطفئوا بريق النصر، وراحوا يهتفون في كل وسيلة أن المقاومة هزمت وماتت. لهؤلاء نقول أن الحقيقة والارادة لا تموتان وأيضاً لا الأرض والشمس والقمر يموتون وتبقى الحياة. أيضاً نقول أن بعد 470 يوما من الظلام الذي نشره العدو اليهودي واسياده الحلف الاطلسي. أن شعبنا علق على قبر كل شهيد وسام الحياة، وعلقت الامة السورية على أهداب النجوم رايات النصر. واليوم يشهد العالم بأسره كيف اعتمرت قلوب السوريين بالمقاومة وبالثقة الواعدة بها وبالحياة العزيزة. ولكل من يشكك نقول له هذه آثارنا وعلى طول التراب السوري وعرضه تنبئكم اننا باقون وثابتون بأرضنا مادام هذا الوجود.

 اليوم بوقف الاعمال العسكرية والآلة الحربية انتهت جولة أو معركة مع التنين اليهودي وأعوانه. ولكن لم ولن تنته الحرب معه بعد هذه الجولة المظفرة للمقاومة. مازال اليهودي وداعميه يحتلون الأرض ويدنسون وجودنا الخيٌر والجميل، ومازال هذا الطريق طويلاً وشاقاً، ومازال الاحتلال موجودا في فلسطين ولبنان والشام وما زالت الاحتلالات الأمريكانية والاطلسية وأيضا التركية، وما زالت الحكومات في بلادنا بليدة الوعي والتفكير القومي، كما لازالت الاضاليل تفتك بنفوس أبناء شعبنا، ومازالت روائح الفساد تفوح من الطبقة السياسية في كيانات الامة السورية. بينما الشعب السوري امامه جولات كثيرة ومعارك عديدة وقاسية، يجب على كل سوري أن يسترشد بالقومية الاجتماعية وان يركن إلى الحق والعلم والحقيقة العلمية، ليكتشف حقيقة ذاته الكبرى وهويته القومية. وان ينخرط في محاربة هذا الجهل وهذه الأخطار الجاسمة على صدر سورية.

 أمام شعبنا حدث اليوم وهو خلاصة السنة والأربعة أشهر التي خاضت المقاومة فيها أشرس المعارك لصد تقدم المشروع المعادي الاستعماري، ونجحت بصده وما انكسرت الارادة لا بل منعت العدو اليهودي والاستعمار الغربي من تحقيق اهدافه في سحق الحقيقة السورية والهوية السورية والوجود السوري. وهذه التجربة شاخصة امام عيون الجميع وهي رفعت الوعي لشخصيتنا الواحدة ومصيرنا الواحد، وهي خطوة اساسية يبنى عليها لنخطو خطوات عديدة لنصل للاستقلال والسيادة على كامل ترابنا السوري ولتحقيق الحياة الحرة التي تليق بالشعب السوري العظيم. أن انتصار ارادتنا في فلسطين ولبنان يجب أن يكون لنا حافزا للتقدم ومراكمة الخبرات في شتى المجالات وليس للتراجع.

على العاقل أن لا ينساق إلى الدعايات المغرضة، التي تركز على حجم الدمار وعدد الشهداء، وان لا ينظر إلى الذي حصل من المنظار المحبط للعزيمة. لان هول الدمار وكثرة الشهداء في حرب الوجود والبقاء هي طبيعية فالمعيار أن نبقى ونسقط مشروع العدو. لذلك وكي لا تضيع تضحيات الشهداء، على كل القوى الحية التي قاتلت العدو اليهودي وناصرت المقاومة، أن تتحد في خطة للنهوض بالأمة السورية، وعلى هذه القوى أن تتكاتف لتطهير بلادنا من الوجود اليهودي وان تخرج الاستعمار الأمريكاني والاطلسي التركي. وعلى القوى المؤمنة بخط المقاومة الرافضة للاحتلال والهيمنة، أن تؤطر الجهد في إطار مؤسساتي ائتلافي متماسك على قاعدة الاتحاد لرد العدوان. مسقطة من حساباتها تعددية الساحات الكيانية أو الحزبية الضيقة ومتمسكة بحقيقة اننا ساحة موحدة، هدفها ازالة هذه الاحتلالات من وطننا. على هذه القوى أن تنسق وتناضل لإقامة حكومات وطنية متفاعلة مع وجودها القومي والانتهاء من الحكومات التابعة للإرادة الاجنبية، وان تصقل النفوس بالقيم والأخلاق القومية، وان تطهر نفوس ابناء الشعب من سموم السياسة الاجنبية واتباعها ببلادنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *