«أمن » الكيان الصهيوني والتزام أميركي بالتسليح

لم يكن الكيان الصهيوني ليتصرف بهمجية على الصعيد العسكري إلى الحد الذي نراه اليوم لولا الدعم الأميركي والتسليحي الواسع والدائم الذي تقره الإدارة الأميركية وذلك بهدف التأكيد على «أمن» هذا الكيان في منطقتنا.  

مع بداية عام 2025 طالعتنا إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عزمها إبرام صفقة أسلحة جديدة مع «إسرائيل» بقيمة ثماني مليارات دولار وذلك في دعمها المنحاز لهذا الكيان. وأبلغت وزارة الخارجية الأميركية «الكونغرس» «بشكل غير رسمي» بالصفقة المزمعة والتي تهدف إلى (دعم أمن إسرائيل على المدى الطويل من خلال إعادة تخزين الذخائر الحيوية وقدرات الدفاع الجوي. وكانت واشنطن قد سجلت عام 2024 مستوى قياسياً للمساعدات خلال عام واحد للكيان الصهيوني، حليفها الأول في منطقتنا. فقد أعلنت عن إرسال مساعدات عسكرية بقيمة 17.9 مليار دولار خلال العام المنصرم، غير آبهة بالانتقادات الدولية من جهة، وبحصيلة القتلى والشهداء في قطاع غزة جراء الحرب عليها والتي تجاوزت ال 45 ألف شخص من جهة أخرى.

في أغسطس 2024 أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة وافقت على مبيعات أسلحة بقيمة 20 مليار دولار إلى «إسرائيل» «التزاماً بأمنها، وبمساعدتها على تطوير قدرتها وجهوزيتها للدفاع عن النفس).

وتتضمن الصفقة ما يصل إلى 50 طائرة مقاتلة من طراز (F-15)، وما يصل إلى 30 صاروخ (جو- جو) متوسط ​​المدى، ومركبات تكتيكية وأعداد كبيرة من قذائف الدبابات وقذائف مدافع الهاون شديدة الانفجار. وتتراوح تواريخ تسليم هذه الأسلحة والأعتدة العسكرية على دفعات من عام 2026 إلى 2029. 

وفي إطار هذه الصفقة، ستوفر واشنطن خدمات الدعم التي تشمل إصلاح الأعتدة وإرجاعها، والتعديلات الرئيسية والثانوية، والصيانة، وتوفير دعم المرافق والبناء ودعم النقل والجسر الجوي، إضافة إلى عقد ورش تدريب للطاقم، وما يلزمه ذلك من معدات وكافة خدمات الدعم الهندسي والفني واللوجستي من قبل الحكومة الأميركية.

موقع «أكسيوس» الأميركي، نقل أن الصفقة الأخيرة التي أبلغت عنها الولايات المتحدة بداية هذا العام والتي تبلغ 8 مليارات دولار أميركي تمثل اتفاقاً طويل الأمد، حيث قد يتم توفير بعض بنودها من المخزونات الأميركية الحالية، لكن معظم الإمدادات ستسلم في غضون سنة أو أكثر. وذكر تقرير نشره أكسيوس أن الصفقة ستحتاج إلى موافقة لجان في مجلسي النواب والشيوخ وتشمل ذخائر طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر هجومية وقذائف مدفعية، وقنابل صغيرة القطر ورؤوساً حربية. وذكر أيضاً أن هذه الصفقة هي على الأرجح آخر مبيعات أسلحة ل«إسرائيل» تحت إدارة بايدن المنتهية ولايتها، والتي تعتبر أنها تساعد «حليفتها» في «الدفاع ضد الجماعات المسلحة المدعومة من إيران مثل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن».

وتعد الولايات المتحدة أكبر داعم ل «إسرائيل» في حربها على غزة، حيث أمدتها بآلاف الأطنان من الأسلحة والذخائر عبر جسر جوي وبحري منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وترفض الإقرار بأن ما يرتكبه الجيش الإسرائيلي في القطاع يشكل إبادة جماعية كما وثقته تقارير دولية.

ومنذ أشهر يطالب محتجون بفرض حظر على توريد الأسلحة إلى «إسرائيل»، لكن السياسة الأمريكية ظلت دون تغيير إلى حد كبير.

وتأكيداً على دعم إدارة بايدن لبنيامين نتنياهو في الحرب والتسليح، كشف تقرير في صحيفة «واشنطن بوست» أن الولايات المتحدة «وافقت بهدوء» على أكثر من 100 صفقة بيع عسكرية منفصلة، سلّمتها ل «إسرائيل» منذ بدء الحرب في غزة بعد هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وقال التقرير إن تلك الصفقات تضمنت آلاف الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل ذات القطر الصغير، وتلك الخارقة للتحصينات، والأسلحة الصغيرة، وغيرها من المساعدات الفتاكة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن قامت بإبلاغ الكونغرس عن تلك الصفقات في اجتماع سري عقد أخيراً.

وأضاف التقرير أن الإدارة لم تكشف سوى عن اثنتين فقط من المبيعات ل «إسرائيل»، واحدة بقيمة 106 ملايين دولار لذخيرة الدبابات، وأخرى بقيمة 147.5 مليون دولار من المكونات اللازمة لصنع قذائف عيار 155 مليمتراً. وأدت هاتان الصفقتان إلى مطالبات عدد من المشرعين للتدقيق فيها، متهمين إدارة بايدن بتجاوز الكونغرس من خلال اللجوء إلى سلطة الطوارئ، للموافقة عليها.

غير أن الصفقات المائة الأخرى، التي لم يُكشف عنها، تمت معالجتها دون أي مناقشات عامة، لأن كلاً منها يقع تحت مبلغ محدد لا يتطلب من السلطة التنفيذية إخطار الكونغرس بها، ويقع تحت سلطات الرئيس. وكشف التقرير أن المسؤولين الأميركيين «تواصلوا مع الكونغرس» بشأن عمليات نقل الأسلحة إلى «إسرائيل» «أكثر من 200 مرة» منذ بدء الحرب في غزة.

وبحسب القانون الأميركي، تتطلب أي عملية بيع عسكرية أجنبية، إبلاغ الكونغرس عنها للحصول على موافقته، شرط الالتزام بالقوانين الأميركية، ومن بينها، عدم استخدام تلك الأسلحة لشن حرب، واستخدامها للدفاع عن النفس، وعدم التسبب بقتل المدنيين، أو نقلها إلى طرف ثالث، أو التسبب بتوسيع الصراعات. كل هذه الشروط لم يلتزم بها الكيان الصهيوني، بل أمعنت «اسرائيل» في اعتداءاتها ضد قطاع غزة ولبنان ملحقة بهما القتل والخراب والتدمير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *