ما حصل في الجمهورية السورية منذ أسبوع أعاد للذاكرة إلى ما ذكره أنطون سعاده في العام 1944
فقد كتب في جريدة الزوبعة العدد 79 في كانون الأول عام 1944 ما يلي:
«بينما المجموع السوري اللاقومي الواسع في القطر الأرجنتيني غارق في خضم الأغراض الفردية الحقيرة ومنشغل بالعداوات والنكايات الشخصية. وبينما أغنياء هذا الجيل القليل منصرفون إلى مادياتهم ومنهمكون بالإكثار من البهرجة الخارجية الباطلة. وبينما الحركة السورية القومية الاجتماعية تصارع، صراع المستميت، مفاسد هذا الجيل وتحارب بكل قواها المطامع الأجنبية في وطننا من غير أن تلاقي التقدير والتأييد الضروريين لإنجاح قضية أمتنا ووطننا بينما كل ذلك يجري في أوساطنا المنتشرة خارج سورية وفي وطننا عينه حيث تباع حقوق الأمة ومصالحها بوظائف الاستعباد يستولي عليها الذين يدوسون شرف قوميتهم بأقدامهم لينحنوا أمام الحكام الأجانب انحناء العبيد، تجري في العالم أمور لها خطورة عظيمة في تقرير مسائل حيوية لكياننا القومي ومرامي نهضتنا وحياتنا القومية الاجتماعية.»
ما أشبه اليوم بالبارحة!!!
ففي الثامن من كانون الأول 2024 غادر بشار الأسد الرئيس السوري دمشق إلى جهة غير معلومة ودخلت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) إلى دمشق وأذاعت البيان رقم ( 1 )، وفي الوقت الذي كان فيه جموع سورية في دمشق ودول أخرى يحتفلون بانهيار نظام بشار الأسد، كانت الدبابات الإسرائيلية تتقدم من الجولان المحتل داخل أراضي الدولة السورية لتحتل مدينة القنيطرة وتصل إلى درعا وسهل حوران، وبالطبع لم يبرز الإعلام هذه المشهدية، كما لم يبرز عمليات تصفية ضباط كبار وعلماء داخل منازلهم
ولا قصف المربع الأمني داخل دمشق وقصف جميع المطارات والطائرات الجاثمة وبعد ذلك المخزون الاستراتيجي العسكري للدولة، لم ير ذلك المجتمع أي تهديد للدولة السورية، لأن الأغراض الفردية والانشغال بالعداوات والنكايات الشخصية، لتغييب عقولهم عن مصالح دولتهم ولتغليب مصالحهم الفردية على مصالح وطنهم.
هو التركي الذي دعم وساند وقام بتحريك الجولاني لينطلق أولاً إلى مدينة حماة ثم بعد ذلك إلى باقي محافظات سوريا وصولاً إلى دمشق، في ظل صمت روسي وإيراني.
فيما خص الصمت الروسي الإيراني فيمكن تلخيصه وفق بعض التسريبات بما يلي:
خلال الأشهر القليلة الماضية تم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين الدولتين، تم فيها الاتفاق أن تقود روسيا المفاوضات مع أميركا في حال فوز ترامب، (القريب من بوتين )، حيث تحاول الحفاظ على الأولويات الإيرانية وإقناع ترامب بتخفيف الضغط على إيران كما فعل خلال رئاسته السابقة. وفي المقابل، إن فاز الديمقراطيون، تقود إيران التفاوض مع أميركا وتحاول الحفاظ على المصالح الروسية في الشام.
– بعد فوز ترامب، وفي الفترة الانتقالية قبل تسلمه الرئاسة، سعت روسيا إلى إقناعه بتخفيف الضغط عن إيران، فكان الشرط سحب نفوذها من الشام ولبنان، وقطع طريق تسليح حزب الله عبر الشام، وما يؤكد هذا الأمر هو الورقة التي حملها مستشار الرئيس ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس ببنودها إلى القيادة الإيرانية.
السؤال الذي يطرح نفسه والذي كان يجب طرحه منذ 7 اكتوبر عام 2023، هل كانت إيران على علم بما ستقوم به حماس في قطاع غزة؟ وهل وضعت سيناريوهات لإسناد غزة بالطريقة الصحيحة؟ وهل تم التنسيق بين إيران وسورية في موضوع إسناد غزة؟؟
الجواب حتى هذه اللحظة هو النفي!!!!
التسريبات تفيد أيضاً بأن بشار الأسد ومنذ عودة الدولة السورية إلى جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها بها، قد يكون عقد صفقة مع دول الخليج تنص على تقليص النفوذ الإيراني في سوريا، في مقابل دعم نظامه وإعادة الأعمار، وهنا الخديعة.
لكن المعطيات الواقعية التي ظهرت بعد زيارة الأسد موسكو في الأيام الأخيرة، أظهرت أن المساعدة العسكرية (بالمقدار المطلوب) مستحيلة. فروسيا كانت قد قررت تركه، وكان التصريح الأخير بأنها «لن تدافع إذا كان الجيش السوري لا يريد القتال»، ولأن روسيا تريد ضمانة أمنها القومي بإنهاء الحرب مع أوكرانيا وهي منتصرة عسكريا (بالاتفاق مع ترامب)، حيث قامت إدارة بايدن برفع مستوى التحدي بالسماح لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بصواريخ بعيدة المدى والرد الروسي على ذلك باستهداف قلب أوكرانيا بصاروخ ارييشنيك من دون شحنة نووية، وبعد ذلك قيام روسيا بتغيير عقيدتها النووية، الأمر الذي وضعها بصورة غير مباشرة على حافة الهاوية مع حلف الناتو.
ما سبق يشير إلى تلمس روسيا لخطورة تهديد أمنها القومي، واتفاقها في ما بعد مع ترامب لإنهاء حربها مع أوكرانياً في عهده، وفي هذا تكمن مصلحتها العليا وليس في الدفاع عن نظام الأسد.
أما التسريبات من الجهة الإيرانية فتؤكد أن بشار الأسد وبعد عملية السابع من تشرين الأول 2023، رفض إحياء جبهة الجولان لمساندة غزة، وقام بتقليص المواقع الإيرانية ومواقع حزب الله في سوريا، كما فرض على حزب الله مغادرة منطقة الحدود مع فلسطين، هذا بالإضافة إلى الشكوك المنتشرة حول تسريب معلومات أمنية حساسة لإسرائيل استخدمت في تصفية قيادات في حزب الله داخل سوريا ولبنان.
انه تقدم للناتو بالنقاط على روسيا ودول البريكس ورهان كان رابحا للتابعين لحلف الناتو، وكان خاسراً للتابعين لروسيا ودول البريكس. وبغض النظر عن أي تحليل سياسي في هذا المقال على الأسباب والنتائج التي أدت إلى سقوط نظام الأسد، فإن (اليوم الأخر) منظور النتائج.
القلق الآن هو من احتمال تقسيم سوريا وفق فيدراليات أو دول جديدة، ووفق تشريعات (غير واضحة المعالم حتى الآن) تتوقف على نوع التقسيمات أن كانت مدنية في التقسيم الفيدرالي أو كانت دينية في دولة دينية (الجولاني وهيئة تحرير الشام) دواعي قلقنا عديدة، فقد شاهدنا التصفيق والتهليل عينه، حين سقوط الرئيسين صدام حسين ومعمر القذافي واذا النتائج صراعات واقتتال داخلي وعدم استقرار مستمر إلى الآن .
. سعادة هو أول من حذر من الخطرين اليهودي والتركي وهذه الأيام ترينا صدق نظرته وصواب رأيه في استشرافه للأخطار التي كانت ( وما زالت ) محيطة بالأمة السورية . وهذا ما نلمسه الآن حقيقة وجملة وتفصيلا
فمن قبل بمن لا زال مصنفا كإرهابي لدى الأمم المتحدة ومجلس أمنها، كوزير دفاع لسوريا، من اللبنانيين، واحتفل بسقوط نظام القمع والاستبداد، وتناسى فقدان الأرض لمصلحة العدو، بداعي تحقيق السيادة المفقودة (حسب زعمهم )، فهو يحقق الآن الجزء الأول من خطة بروتوكولات حكماء صهيون القاضية : بإقامة دويلات طائفية تحيط بدولة إسرائيل تتنازع وتتقاتل في ما بينها، مما يكفل بقاء إسرائيل .
هذا احد بروتوكولات حكماء صهيون، والذي نفذ بخطة الناتو بمسمى الشرق الأوسط الجديد وهو بطبيعته (شرخ اوسخ جديد ) .