لو قضوا على مئات منا لما تمكنوا من القضاء على الحقيقة التي تخلد بها نفوسنا ولما تمكنوا من القضاء على بقية منا تقيم الحق وتسحق الباطل، فيكون انتصارنا أكيداً في حياتنا وبعد موتنا لذلك نحن جماعة لا نخاف ولا نأبه للموت.
نحن جماعة نقول إن العيش لا قيمة له. إن القيمة هي في المبادئ التي تمثل نفوس الجماعة. إن القيمة هي المبادئ الأخلاقية والمطامح السامية التي تفوض بها النفوس لا في الشؤون المادية من العيش ولا بأية قيمة من الحياة المادية. لذلك نحن جماعة لم تفضل، لا أنا شخصياً ولا واحد من هذه الأمة الناشئة كلها يوماً أن تترك عقيدتها وإيمانها وأخلاقها لتنفذ جسداً بالياً لا قيمة له.
لا يقين غير هذا اليقين يقدر أن ينقذ معنويات هذه الأمة من الانهيار الأخير. إن التسويات والتكتلات السياسية كلها في هذا الوطن لم تقدر على إنقاذ شيء من معنويات هذه الأمة. إن رسالتنا القومية الاجتماعية هي رسالة إيمان جديد، هي معنويات جديدة، هي أخلاق جديدة ونفوس جديدة، هي أمة جديدة، إن الذين استعجلوا الأمور وظنوا أنهم بالتكتلات الضخمة يتمكنون من إنقاذ فلسطين قد وصلوا إلى النتيجة التي لا مهرب من أن تصل إليها المساعي التي هي جديرة بالوصول إليها، إنهم وصلوا بفلسطين إلى الكارثة.
في 29 تشرين 1948