كذبة اسمها العهد القديم

كذبة اسمها العهد القديم

قبل أن نتناول هذا الأمر من المفيد أن نلقي بعض الضوء على كيفية اعتماد (التوراة المزعومة) من قبل الكنيسة:

في الماضي كان الكتاب المقدس، الذي تعترف به كافة الطوائف المسيحية، هو الإنجيل أو ما يدعى حاليا بالعهد الجديد، وفي عهد نابليون بونابارت والذي كان إمبراطوراً في ذلك الوقت و الذي كان بحاجة لمساعدة اليهود لاحتلال المشرق العربي ومصر قام بالضغط على الكنيسة بناءً على طلب من اليهود للاعتراف بالتوراة الحالية ككتاب مقدس وجمعه مع الإنجيل في كتاب واحد تحت اسم العهد القديم والعهد الجديد، و كانت هذه اكبر خدمة لليهود، مما ساعد مستقبلاً على النظر إلى اليهود بأنهم أصحاب قضية ولهم الحق في إنشاء وطن قومي خاص بهم في فلسطين تنفيذاً لوعد لليهود من قبل إلههم المزعوم ” يهوه ” بأن يجعل الأرض الممتدة من الفرات إلى النيل إرثاً لهم، حيث ورد في التوراة الحالية على لسان ” يهوه ” 🙁 لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات ) // سفر التكوين 15/18 //، وقوله : ( وبنو الغريب يبنون أسوارك، و ملوكهم يخدمونك ليؤتي إليك بغنى الأمم و تقاد ملوكهم، لأن الأمة و المملكة التي لا تخدمك تبيد، وخراباً تخرب الأمم ) // سفر أشعيا 60/10 //. وقوله: (ويقف الأجانب ويرعون غنمكم ويكون بنو الغريب حراثيكم وكراميكم، أما أنتم فتدعون كهنة الرب، تأكلون ثروة الأمم وعلى أمجادهم تتآمرون) // سفر أشعيا 61 / 5 //. وخير مثال على الخدمة التي قدمتها الكنيسة من خلال طبع العهد القديم ما قاله لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا راعي وعد بلفور: (لقد تربيت في مدرسة تعلمت فيها عن تاريخ اليهود أكثر بكثير مما تعلمته من تاريخ بلادي. أنا وفي وسعي أن أخبركم بجميع ملوك إسرائيل، ولكن أشك في مقدرتي أن أسمي لكم ستة من ملوك إنكلترا، لقد تشبعنا كل التشبع بتاريخ الجنس العبري). وهل أدمغ من هذا القول حجة ً على دور العهد القديم في زرع الدعوة اليهودية في نفوس أغلب الأوروبيين والأمريكيين فيما بعد.

وبناءً على ذلك أصبحت مسألة عودة اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لهم وإعادة بناء الهيكل المزعوم إنها هي حق ديني وإرادة إلهية لابد من تحقيقها. ومن ساعد في تحقيقها فقد نال رضا ربه ومن تصدى لها فقد نال سخطه.

ويقول وايزمن رئيس الكيان الصهيوني في مذكراته صفحة 18: (من حقك أن تسأل ما هي أسباب حماسة الإنكليز لمساعدة اليهود وشدة عطفهم على أماني اليهود في فلسطين؟ والجواب أن الإنكليز لاسيما أصحاب المدرسة القديمة هم أشد الناس تأثراً بالتوراة، وتدّين الإنكليز هو الذي ساعدنا في تحقيق آمالنا…..).

ومن المفيد أن نذكر ناحية مهمة وهي أن 90 % مما جاء في التوراة هو عبارة عن نسخة ممسوخة ومشوهة ومحورة للنصوص والأساطير العائدة لحضارة ما بين النهرين ومصر وبلاد الشام. وعلى سبيل المثال لا الحصر، قصة الخلق والطوفان، وهناك عديد من الباحثين تناولوا هذه المواضيع بإسهاب.

وللتذكير فقط يكفي أن نعلم أن التوراة الموجودة حالياً كتبت بعد سبي بابل، و قد استغرقت كتابتها ما يقارب الألف عام، وأكبر دليل على ذلك ما جاء في سفر أشعيا 11 / 12 : ( يجمع الرب منفيي إسرائيل ويضم مشتتي يهوذا من أربعة أطراف الأرض وينقضان على أكتاف الفلسطينيين غرباً وينهبون بني المشرق معاً). ومن المعروف أن مملكتي يهوذا وإسرائيل دمرتا على يد الآشوريين وتم سبي أهل المملكتين إلى بابل على فترتين تاريخيتين. ولو أن التوراة المتداولة صحيحة فهي يجب أن تكون متقدمة على هذه الحادثة. وإن ذكر حادثة السبي فيها والتشتت وضرورة العودة للانتقام من الفلسطينيين وبني المشرق يدل على أن هذه التوراة قد كتبت بعد السبي، كما يتبين لنا مقدار الحقد الذي يكنه اليهود.

يقول بن غوريون متبجحاً أمام وسائل الإعلام في الولايات: (إن اليهود لا يحتلون شبراً واحداً من أرض العرب ولا يزال العرب يحتلون مساحات واسعة جداً من الأرض اليهودية، الأرض التي وعدهم بها الله).

لذا فالحركة الصهيونية المتجسدة في الكيان الصهيوني في فلسطين ليست ابنة وعد بلفور فحسب بل هي، حسب التوراة المزعومة، ابنة وعد أسبق منه بكثير هو وعد “يهوه” لأبرام، مع أن النبي إبراهيم ليس جد بني يعقوب (إسرائيل) فقط بل هو جد بني إسماعيل أيضاً (العرب). وإذا كان اليهود الحاليين يدعون أنهم من نسل بني إسرائيل، وهذا أمر غير صحيح، ففي اليهود قوميات مختلفة منها السلافي ومنها الآري ومنها الإفريقي ومنها السامي ومنها الحامي، في حين أننا العرب نحن الساميّون حقاً ونحن من ولد إسماعيل بن إبراهيم ( أبرام ) فنحن العرب فينا المسلم والمسيحي واليهودي أما هم كدين فيشتمل على عدة قوميات ولا يشملهم هذا الوعد المزعوم.

هذا ويكمن خطر الصهيونية الحقيقي في كونها تستمد دعواها من التوراة المزعومة التي يؤمن بها كافة اليهود والمسيحيين المتهودين في العالم.

ونورد فيما يلي أهم النصوص الواردة في العهد القديم والتي تستمد الحركة الصهيونية منها الحياة:  

  1. الوعد الوثيقة:

(وقال الرب لأبرام: اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك… فذهب أبرام كما قال الرب… فأتوا إلى أرض كنعان… وظهر الرب لأبرام وقال لنسلك أعطي هذه الأرض) // سفر التكوين 12 / 1 //.

  • (وسكن في أرض كنعان فقال له الرب: ارفع عينيك وانظر من الموضع الذي أنت فيه شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، لأن جميع الأرض التي ترى، لك أعطيها ولنسلك إلى الأبد) // سفر التكوين 13 / 14 //.
  • وفي الفصل الخامس عشر من سفر التكوين يقول الرب لأبرام: (أنا الرب الذي أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها) وفي الفصل نفسه: (قطع الرب مع أبرام ميثاقاً قائلاً: لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات) (وقال الرب لأبرام : اعلم يقيناً أن نسلك سيكون غريباً في أرض ٍ ليست لهم، و يستعبدون لهم، فيذلونهم أربعمائة سنة، ثم الأمة التي يستعبدون لها أنا أدينها ).
  • علم الرب موسى قائلاً: (إنكم عابرون نهر الأردن إلى أرض كنعان فتطردون كل سكان الأرض لأني قد أعطيتكم الأرض كي تملكوها وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكاً في أعينكم ومناخس في جوانبكم) // سفر العدد 33 / 50 //. وفي هذا المجال قال موشيه منوحن أحد أعلام اليهود الأمريكيين: (طبعوا في قلوبنا الفتية بالترديد المتواصل أن أرض الوطن يجب أن تصبح لنا مطهرة من الأجانب)، وقد هتف بن غوريون بعد أن قام بتشريد ما يقارب المليون فلسطيني عام 1948: (لقد نظفت البلاد بشكل رائع ومهدت لإسرائيل مهمتها الشاقة).
  • وفي سفر التثنية ورد: (إنه في السنة الأربعين لخروج بنو إسرائيل من مصر ابتدأ موسى يشرح الشريعة قائلاً: يهوه إلهنا كلمنا في حوريب قائلاً كفاكم قعوداً في هذا الجبل، تحولوا وارتحلوا وادخلوا جبل الأموريين وكل ما يليه من العربة والجبل والسهل والجنوب وساحل البحر أرض الكنعاني ولبنان الى النهر الكبير نهر الفرات، انظر قد جعلت الأرض أمامكم، ادخلوا تملكوا الأرض التي أقسم الرب لآبائكم أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم) // سفر التثنية 1 / 5 //.

ومما سبق يتجلى الدافع الديني القوي فهي حسب سرديتهم المزورة، لأطفالهم وللجيل المؤمن المطيع للرب الذي سيصبح مالكاً للأرض التي تفيض لبناً وعسلاً، وخير دليل على ذلك ما جاء في سفر التثنية 30 / 1 : ( فإن رددت في قلبك بين جميع الأمم الذين طردك ربك يهوا إلهك إليهم… ورجعت إلى يهوا إلهك وسمعت لصوته حسب ما أنا موصيك به اليوم… يرد الرب إلهك سبيك ويرحمك ويعود فيجمعك من جميع الشعوب الذين بددك إليهم يهوا إلهك و إن يكن قد بددك إلى أقصى السماوات، فمن هناك يجمعك الرب إلهك ومن هناك يأخذك ويأتي بك الرب إلهك إلى الأرض التي امتلكها آباؤك فتمتلكها ).

مما تقدم فإن دعواهم إلى جمع شمل يهود العالم في الأرض العربية الممتدة من الفرات إلى النيل هو أمرٌ مرتبط حسب اعتقادهم بإيمان أبناء الرب والتزامهم بوصاياه في استعباد الشعوب وامتصاص خيراتهم وإذلالهم ونشر الرذيلة بين أبنائهم.

في الخلاصة استطاعت المنظمة اليهودية العالمية وأدواتها التنفيذية من حركة صهيونية وماسونية وغيرها أن تستميل الرأي العام الغربي لصالحها، في حين مازال بعض الحكام العرب ينادون ويروجون لمشاريع الاستسلام ويدعون إلى الحوار مع هذا الكيان الغاصب. آن الأوان في منطقتنا أن نعرف عدونا وننفض خزي هذه الأنظمة المستسلمة عن كاهلنا وننجد أهلنا في فلسطين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *