مع احتدام المعركة التي تخاض اليوم على مساحة هذا المشرق سيما تلك التي تجري في الشمال الفلسطيني والجنوب اللبناني نسمع الكثير من أصوات النشاز في بلاد الارز خصوصاً تلك المتعلقة بالصراع مع الكيان الغاصب، وهي تريد منا ان نأخذ موقف المتفرج مما يجري في فلسطين مستعينة بالصمت الرسمي العربي لتبرير ما تطالب به، متجاهلة ان بداية الصراع لم يكن عقب الحرب العالمية الاولى او الثانية بعد إعلان الكيان، بل هو قائم من الفي سنة ونيف وسببه الرئيسي يعود للاعتوار الذي لحق بالمؤسسة التي كانت قائمة تحت مظلة المقدس.
ما نعيشه اليوم من مآسي ليس فقط في بلادنا المشرقية، بل وعلى ظهر البسيطة. بداياته تكمن في فساد المؤسسات تحديداً التي قامت على أيديولوجيات من دينية وغيرها وانحرفت في مسيرتها عما نادت به لتبسط سلطانها بشتى الوسائل. وليس هذا ما يجري داخل كل بلاد وعلى ظهر البسيطة ككل.
ان الفساد الذي لحق بالمؤسسة الدينية هو ما جعل الناصري يعتلي عرش الكلمة قبل الفي عام محاولا رد المقدس إلى ينابيعه حقاً وخيراً وجمالا. المؤسف ان المنطق الناصري تم خطفه من قبل المؤسسات التي تبنته، تحديداً الغربي منها، وحورته عن مقاصده لتقيم سلطان باسم المقدس يشبه ذلك الذي تصدى له هو بنفسه قبل الفي عام. والأمر ذاته لحق بكل الايديولوجيات التي برزت بعد حين من ديني ووضعي.
المعركة التي تخاض اليوم تشبه إلى حد بعيد تلك التي خاضها السيد المسيح مع فارق الزمن والأساليب الولايات المتحدة الاميركية تشبه روما الأمس ما يعنيها من الكيان هو مصالحها التي يحققها لها لإشغال واشعال المنطقة فتبقى على حالها وهي تقوم بجني الأرباح مع ذرف دموع التماسيح على الأبرياء تحت ضغط الرأي العام.
الاعتوار المؤسساتي إذا لم يتم التصدي له في حينه يتحول إلى وحش النفاذ منه مستقبلاً يصبح ذي تكلفة فلكية. انظروا لما يجري في بلادنا للتحقق من هذه النظرية ويمكن تكبير الصورة لتشمل العالم باسره. والاعتوار الذي ندفع ثمنه اليوم لا ينطبق فقط على الاعداء بل وايضاً على المؤسسات التي أقمناها نحن والتي بدلاً من ان تخوض هي عملية الحماية والدفاع، تنبري شراذم من هنا وهناك لتقوم بالمهمة يطلق عليها العدو صفة الارهاب ويصفها من استقال من مهامه بالداخل بالخارجين عن القانون وأنها لا تشبهه رغم المصاهرة وحسن الجوار.