الكتابة

الكتابة بكل أحوالها لا تعدو كونها أداة الهرب من الكلمات الأليمة.
و ما أبرئ نفسي من ذنوبي السيئة، لكنّي أتبرأ عمّا سواها، حيث أني أعرف حدود ذاتي…

كَمَا أنْ الله خَلقَ السُلَالَات …
و خَلقَ الأعْيادَ و المَآتِم … 
عيدٌ يَتمخْضُ فِي الخفَاء … 
أنْ خَلَقَني الله لِساناً … 
لِكلِّ هَؤلاءِ الغُربَاء …

ظَالِمُون …!
يَظِلمُونَ و يُظلَمُون … 
يَمرّون عَبرَ العَادَات … 
واقِفونَ عَلى المَنِيَّات … 
كلٌّ يَظنُّكَ مِنْ جِلدَتِهِ …
تَرَكُوا ظُنُونَاهم و سَارُوا …

يُظلَمُونَ مِن صُلبِكَ … 
أورَثتَهُم ذَنبُكَ … 
ظَالمِينَ بِصَلَاتَهُم الخَمْس … 
وحَّدوا فِيكَ فَرَاغ النَفس … 
صَوَّروا إقْدَامَهُم … 
صَيَّروا حِرابَهُم مِرآَة … 
لِنَحرِ النَفس …
قَد كُنتَ قَصدتَ الرَاحة … 
حِينَ قَضمتَ أظفَار الأَمس …

بَاحِثاً عَن أنيابِ لَيلَى … 
و أنتَ نابٌ قَدِيم … 
بَينَ جدٍ وَ جَد …
و أنتَ سَهمٌ و قَوس …

بَينَ ضَيفٍ ثَقيِل …
و خالٌّ قَتيل و عَمٌ خَليل … 
و نارٌ و لَيل …
و أنتَ حارسُ الأمسِ … 
يَتِيهُونَ فَتَرشُدُهم … 
إلَى لَيلَةٍ يَتِيمَة … 
خَلفَ أستَارِ البَهِيم …
لِأُخبِرَهُم بِأنَّ الخُلُقَ قَدِيم … 
و أنّهُ سَفْرٌ و حَضرٌ …
غَرَقٌ و تَشهِيق … 
نَحيبٌ وسَلَا …
و قلٌّ و قِلَى …
و قِيلَ و قَالوا …

يومًً مَا سَتهَدأ الزوَابِع … 
و خَلفَ كُلِّ بَـــابْ … 
سَيأخذُكَ الجَوَاب … 
إلى عُمُرٍ مَا …
يوماً مَا… سَتَعرف … 
كَيفَ يُحَلَّ المَاءَ بِالمَاءِ لِيَصْفُو … 
فَيَصْفُو…
و كَيفَ يَحِلُّ المَرءَ حَرامَهُ … 
فَيَعْفُو …

لِيُفَسِّرَ مَا سَقَطَ مِن أَسْنَانِه … 
كَهروبِ أيَّامهِ و أحلَامَهُ … 
و كَمَا نَهَشَ العَيشَ الثَقيل … 
مِن خُرّوبِ بَراءَاتهِ …
فَإن هِيَ ضَاقَتْ عَليكَ … 
فَأعظَمَها مَسَافة … 
و أبسَطَها حَسَافة … 
لِتَجِد ذاتَ الشَخص …
بِألفِ قِناع … 
و تَوقيعٌ وَاحد …

الحَيَاة هَديّةُ الخَالق لِي …
مُذ عَرفتُها و هِيَ تَهرُب …
مِنَ المُتراكَم إلَى المُستَوي …
و مِنَ الوَاضح إلَى المُنزَوي …
و مِنَ الإنشِراح إلَى الضَيق …
و مِنَ الشُعُب إلَى الشِعَاب …
و مِنَ الرِئَة إلَى القَلب …
و مِنَ التَكسُّر إلَى الضَمّ … 
و مِنَ اليَبَاس إلَى الوَرَق …
و مِنَ اليَرَق إلَى الإحتِرَاق …
و مِنَ الفَجِيعة إلَيهَا …
و مِنَ الفَضيحةِ عَليهَا …
و مِنَ الأُنُوثة إلَى الّلُغة … 
و مِنَ الّلُغة إلَى الثَورَة … 
و مِنَ الثَورَة إلَى الشَكّ … 
و مِنَ الشَكّ إلَى الشَكّ … 
و مِنَ الشَكّ إلَى الشَكّ …

دَوَائِر و إبتِلَائَات … 
مِنْ بَعد إبتِلَائَات … 
بَلَتنِي و ابْتُلِيت و ابتُلَّتْ … 
و ابْتَلَّتنِي و ابْتَلَيتْ … 
و أدُورُ مَعهَا فِي الصَف … 
و أدور مَعهَا فِي الغَيِب … 
و فِي التَنزِيهِ و فِي التَشبِيه … 
و فِي الحِشمَة و فِي العَيب …

و نَدُور دَورَاً … و لَطَالما كُنتُ أدُورُ وَحدِي …
و نَدُور دَورَاً … كَمَا قَد ألِفَتْ رُوحِي أنْ أدُورَ وَحدِي …
و نَدُور دَورَاً … كَمَا أشَرَكَنِي اللهُ فِي حِزبٍ … و وَقَفتُ شَامِخَاً … فَلَم أعُدّ بَعدَهُ عَدَّ النَردُ … و طَالَت خُطوَتي التَالية …
الرِقَّة المَنشُودَة مِنَ الرِقّ … و الرِقّ المُبلّلُ بِالحربِ خَالِد …
فأصبحتُ خَالِد الخَالِد و ابنُ خَالِد … الدَيمُ المُتزَاحِم عَلَى حَدَق … دَليلٌ عَلَى الحَياةِ صَادقْ …