إنّا لمنتصرون

من بغداد والشام وبيروت إلى غزة والضفة، وحدة الدم والخندق ووحدة الحياة والروح تجلت بأبهى صورها بعد ما فرقنا العرب المتآمرون العرب، المتهودون وعرب الأمريكان والاطلسي الذين عملوا على بث الفتنة الدينية والمذهبية والكيانية والإثنية. وان نجحوا لفترة في التغلغل في النفوس الضعيفة، ولكن المواطنين الشرفاء رفضوا المؤامرة الجديدة القديمة وأسقطوا المشروع الاستعماري الدنيء، وانتصرت إرادة الشعب وفازت وحدة الحياة الطبيعية. لقد وقف الشعب وقفة واحدة وهزم المشروع المدمر لحياتنا. لقد فعل العدو كل ما في وسعه، واستعمل جميع أنواع الأسلحة المحرمة، ولم يبق إلا ان يستعمل السلاح النووي. لقد مارس كل انواع الإجرام والوحشية، قتل الاطفال وقتل النساء وقتل الشيوخ، ودمر البيوت والمستشفيات والمدارس والجامعات وكل انواع الخدمات الحياتية، فعطل دورة الحياة حتى البدائية منها. كل هذا للنيل من ارادة وثبات شعبنا المقاوم للاحتلال اليهودي المدعوم أطلسيا وعربيا، ولكن شعبنا لم يلن ولم يضعف واثبت انه شعب آبي يفضل الموت على حياة الذل والخنوع.

إشارة ان هذا العدو اليهودي وأعوانه بعد ان دخلت آلته العسكرية غزة، لم يتمكن أبدا من الثبات في مواقعه، بل ها هو يُستهدف في كل الامكنة، بضربات لم يتوقعها أفقدت جنوده الصواب.

سنة مضت على حرب الإبادة الوحشية المعلنة على شعبنا ولم نجد مقاوما واحدا استسلم ولم يصدر عن مقاوم واحد كلمة مهادنة. بل أخرجت هذه الوحشية المجرمة كل مكنونات النفس السورية المختزنة قيم العزة والكرامة والشرف والإباء. لقد شاهد العالم اجمع كيف تودع الام ابنها الشهيد وكيف ترثي الابنة أباها او اخاها بكل فخر واعتزاز وكيف يعد الشعب نفسه ويقسم على مواصلة طريق الشهادة وصولا للحياة العزيزة.

أما على جبهة لبنان فقد جند العدو اليهودي كل طاقاته ومقدراته، وبعكس ما يصرح انه كان يعتبرها جبهة ثانوية او جبهة ليست هي الأولوية للجيش، ومن يراقب العدو يعرف ان جبهة جنوب لبنان هي الهدف الاول لرئيس حكومة العدو اليهودي ووزرائه وجيشه. ولقد وضع العدو اليهودي وكل شركائه الاجانب والعرب في تلك الجبهة كل امكانياتهم وقدراتهم، وما استطاعوا النيل من ارادتها بشيء، بل انها استطاعت التمكن منهم بضربات أدق، واصابتهم بخسائر فادحة على الصعد كافة سواء في المنشاءات العسكرية او الاقتصادية. وبات اللواء اليهودي المشكل على جبهة جنوب لبنان كأنه على مقصلة الذبح، يرتعد خوفا في حجره. وهذا الثبات في الجبهة للمقاومة، هو الذي ردع العدو اليهودي عن توسيع ضرباته، وليس لان العدو يعتبر جبهة جنوب لبنان ثانوية او جانبية، وليس خوفا من الضغط الأمريكاني الاطلسي او من المتآمرين العرب، بل لان المقاومة مستعدة وحاضرة وقوية وترد على العدو الصاع صاعين.

وما فعله العدو اليهودي وحلفاؤه في مسألة “البيجر” وجهاز الاتصالات اللاسلكية ليس سببا لنقول ان يده صارت هي العليا في جبهة جنوب لبنان، لا سيما وان هذا العدو ضمنت تفوقه العسكري والاستخباري والتكنولوجي دول العالم الامبريالي قاطبة، وهذا ليس بجديد، والمقاومة تعد وتستعد وتجهز نفسها وفق هذا المفهوم، لذلك ما تأثرت المقاومة وحركتها ومواقعها بضرراو خلل في الميدان او على صعيد القيادة والسيطرة. والعدو هذا يعلم ان كل خططه ستسقط امام ارادة القتال الذي شعارها النصر او الشهادة. وان الحياة وقفة عز فقط.

لقد كان يوما تفجير” البيجر” واللاسلكي من الأيام الحزينة لكل لبنان ولكل الامة السورية ولكل احرار العالم، وكان عملا مستنكرا حتى من بعض شركاء العدو اليهودي. لقد دفعت هذه الجريمة بالوجدان الحي المكنون لان ينتفض فرأينا الشعب كله يلتف حول المقاومة ويهب هبة واحدة للملمة الجراح ولتثمين عملها ومشروعيتها الوطنية والقومية. أما ما ينتظر محور المقاومة فهو إعلان العدو خيبته وانكساره وفشله في تحقيق أهدافه، وكذلك الهيمنة الأمريكانية والاطلسية على دول العالم العربي.

أملنا هو في أن الانتصار آتٍ نتيجة ثقتنا بمحور المقاومة القوي والثابت. إن إرادة الشعوب المصممة على الحياة العزيزة هي التي ستفرض نفسها على واقع جديد ترسم معالمه دماء الشهداء.

ناموس المجلس الأعلى