أنطون سعاده

   الحقيقة أن الرأي العام موجود دائماً في كل مجتمع متمدن. ولكن قوته لا تكون راسخة إلا في المسائل المستمرة، التي تعمل عوامل مستمرة على إكسابها صفة الثبات بواسطة الأساليب الثقافية والتقاليد المرعية. وفيما سوى ذلك فالرأي العام أشبه شيء بريشة في مهب الرياح، إذا هبت الريح جنوباً مالت شمالاً، وإذا هبت شرقا مالت غرباً. فالإشاعات للرأي العام كالريح للريشة.

   متى تضاربت الاتجاهات الأساسية في أمة من الأمم، واختلفت العقائد والعوامل الثقافية، ولّد هذا التضارب، وهذا الاختلاف، رأياً عاماً مبلبلاً، متفسخاً، لا يتمكن من الإجماع على قضية عامة أو مصلحة عامة، وزعزعة الوجدان القومي الصحيح، ومنعا تولّد ما يسمى في العلوم السياسية “الإرادة العامة”.

    هذه هي رسالة النهضة القومية إلى الرأي العام، وهي تختلف عن رسالة الصحف والمؤسسات الدينية والإكليريكية في انها رسالة الاتجاه القومي الجامع الذي يحل مصلحة الامة محل مصالح الفئات الخصوصية ويجعل للرأي العام قيمته .اما الجرائد والمؤسسات الثقافية الاكليركية  والمذهبية فرسالتها إبقاء الشقاق في الشعب، لأنها بالشقاق تعيش، هي، بينما الأمة تموت.

بعد التأسيس

1933 – 1938