اطلق بنيامين نتنياهو جنونه من عقاله فور عودته من زيارته الى واشنطن محملا بالهدايا ولكن دون الحصول على ضوء اخضر من الإدارة الأمريكية يسمح له بشن حربا اقليمية واسعة، لكن ضعف الإدارة الديمقراطية و الشكوك التي تحوم حول صحة الرئيس الامريكي الجسدية و الذهنية وحمى الانتخابات الرئاسية القريبة، جعلته غير ابه بملاحظات واشنطن لا بل وقادر على ان يتجاوز خطوطا حمراء كانت قد وضعتها واشنطن ربما منها ما كان في الضاحية الجنوبية لبيروت باستهدافه مبنى مدني ادى الى استشهاد القيادي البارز في المقاومة اللبنانية فؤاد شكر وزميل ايراني كان برفقته، ومنها تجاوزه لخط احمر مزدوج باغتيال الشيخ اسماعيل هنيه رئيس مكتب حماس السياسي في قلب المربع الامني الاهم في شمال طهران حيث يقيم المرشد وتتواجد اهم ادارات الدولة، وبهذا وكأن نتنياهو يريد ان يقول لطهران للضاحية الجنوبية ان يد اسرائيل الطويلة و القوية قادرة على ان تصل الى اي مكان وانه لا قواعد او ضوابط لحربه معها، وان الدول التي تستطيع قيادة المقاومة العيش بها دون التعرض لخطر الاغتيال هي الدول التي تطبع مع (اسرائيل) او تلك التي تطبيعها مؤجل ولكنه بحكم المؤكد.
استطاع نتنياهو بعمليتي طهران والضاحية الجنوبية ان يستنفذ الكثير من مخزون الصبر الاستراتيجي لدى طهران والمقاومة اللبنانية وأصبح لابد من الرد المعاكس بالاتجاه والمعادل بالمقدار، وهذا ما قاله المرشد وسواه من كبار المسؤولين في طهران كذلك ما ورد على لسان سادة المقاومة في لبنان واليمن وقد أصبح الرد بحكم المؤكد، ولكن هذا الرد سيكون مدروسا بعناية وقاسيا في ذات الوقت وان المقاومة اللبنانية قد اتخذت قرار الانتقال من حالة المشاركة في المعركة ومشاغلة العدو الى مرحلة الانخراط الكامل.
ولكن ادارة المعارك الكبرى تختلف بالطبع عن مشاجرات الحواري والازقة وتحديد الاهداف واماكنها وجدولة ارصدتها قد تأخذ وقتا وكذلك تحديد الزمان المناسب ولكن ليس الطويل وفي كل يوم تطالعون الانباء الصادرة عن كبريات المؤسسات الإعلامية بالعالم تقول ان الرد سيكون مساء السبت الماضي ثم في فجر امس الاثنين الامر الذي استطاع استنزاف اعصاب الحكومة والجيش في تل ابيب كما المجتمع الاستيطاني الذي فرت جموع كثيرة منه من سكان الشمال ووسط فلسطين المحتلة الى النقب والجنوب عقب حادثة مجدل شمس والردود التي كانت متوقعة من المقاومة اللبنانية حينها، ولكن السؤال الذي يطرحه (الاسرائيلي) على نفسه :اذا وصلت صواريخ اليمن والعراق الى الجنوب والنقب فلن يكون امام هذا المجتمع الخائف والحائر الا ان يسال حكومته ونفسه اين المفر؟.
حالة الارتباك والقلق هذه تعود لتأكيد المؤكد، فتجاوز الخطوط الحمراء من قبل نتنياهو وارتكابه الحماقات (و ان كانت حماقات محسوبة و مدروسة من قبله) لن يؤثر على الدعم الغربي لدولة الاحتلال التي لن تتركه وحيدا، و هذا ما جاء من اجله قائد القيادة المركزية في الجيش الامريكي و كما اعلن ان هدف زيارته للمنطقة التي بدأت صباح امس الاثنين هو زيارة عدد من العواصم من اجل حشد التأييد و الدعم (لإسرائيل) في مواجهة ايران.
لكن مع ارتفاع حرارة مرجل الغضب لدى المقاومة و لفح حرارتها جعل القلق ينتاب آخرين من الذين سيجدون انفسهم في قلب النار، فالتزاماتهم و اتفاقياتهم الطبيعية و ما عقدوه من اتفاقيات امنية و عسكرية و ما اقيم من قواعد قد تجبرهم على اعتراض الصواريخ و المسيرات التي ستنقض على دولة الاحتلال كما حصل في الهجوم الايراني السابق، و بالمقابل فقد اصبحوا يدركون ان اكلاف ذلك بالغة الارتفاع قد لا يستطيعون تسديد فواتيرها امام الحالة الشعبية المؤيدة للمقاومة و بما ستنزفه من مشروعية النظام و ربما بما يهدد بقاءه في حال اخذت الحرب شكلا واسعا.
قد يأتي الرد قبل نشر هذا المقال، وقد يكون بعد يوم او بعد بضعه ايام، و لكنه قادم لا محالة، فهل من الممكن السيطرة على عدم تحول الحرب الى حرب واسعة اذا حصل رد على الرد ثم رد على رد الرد و هكذا؟ الاحتمالات قد اصبحت مفتوحة على جميع الاحتمالات والانتظار سيد الموقف.
جنين- فلسطين المحتلة