حرب الاستنزاف أيقونة التحرير

تسعة أشهر والعدو اليهودي ومعه الاطلسي والعربي المتآمر يمارس   القتل والتدمير والحرق في فلسطين وجنوب لبنان، ومازالت شعلة المقاومة متّقدة، نار لاهبة في جنود وعتاد العدو اليهودي وأعوانه، و الخسائر التي لا ترغب بها الدول والشعوب أو تسعى لتجنبها أثناء الحروب قد وقعت وأصابتنا؛ فالوحش اليهودي   وأعوانه ابتدعوا وابتكروا أنواعا جديدة من الجرائم بحق الانسان والمثل العليا الانسانية وبحق البيئة الطبيعية.

 إنّ العقل الاجرامي مهما اجتهد، يعجز عن تخيلها، فهذه خاصية يهودية عميقة في نفسيتهم، لأنهم بقوا خارج سياق الارتقاء الانساني، وما زالوا في شرنقة متوحشة عمرها أكثر من الفي سنة. إنّ  ما   شاهدناه في غزة فلسطين وفي جنوب لبنان، وما الخسائر الانسانية والمادية التي وقعت رغم ضخامتها وقساوتها،  إلا خسائر منطقية في سياق طريق حرب التحرير. و الخسائر الاتية مع استمرار الحرب لن تكون أكبر على الشعب والبيئة او مؤذية أكثر. هذه اقصى ما هو قادر ان يفعله العدو. ورغم هذه الجريمة المروعة التي ارتكبها العدو، هل حقق أهدافه؟ الجواب من النتائج الحاصلة وسياق المعركة انه لم يحقق اهدافه بل بالعكس، تنامت المقاومة وتفولذت  وثباتها صار راسخا أكثر، كما أنّ التنسيق بين قوى المقاومة أصبح أنضج وامتن.

 ثمة من يقول ان الخسائر ضخمة والثمن كبير لهذه الحرب، صحيح إذا كان القياس اننا دولة قائمة خطّطنا لحرب و بدأنا نحن بها، ولكن هذه الحرب ليست حرب دولة استعدت لها. بل قد اشعلها   العدو اليهودي وحلفاؤه منذ قرن على شعب أعزل محاصر، وعلى مقاومة محاصرة وامكانيات سلاحها المادي متواضعة امام سلاح الاعداء، أما سلاحها الروحي كبير لا سيما سلاح الحق وسلاح النفس الحرة الابية العصية على الانكسار، وإن مجرد صمود شعبنا واستمرار مقاومته أمام هذه الهجمة اليهودية ودول الاستعمار هو نصر مؤزر له. وكيف لا يكون نصرا كبيرا والمقاومة تحارب أكبر قوة عسكرية في العالم؟ هي لا تقاتل الجنود اليهود فقط، بل تقاتل السلاح والجيوش الاطلسية الكبرى، وهذه هي عظمة النفسية السورية التي أبت إلا أن تزود عن حقها بالوجود والحياة. وإذا ما درسنا ما كان يريده العدو اليهودي والحلف الاطلسي وأعوانه العرب الخونة من الحرب، سنجد ان الخسائر الحاصلة مقبولة لان العدو كان هدفه القضاء على غزة والضفة والمقاومة في لبنان وتصفية محور المقاومة ومسحهم من المسرح السياسي الفاعل، وبالتالي تثبيت يهودية أرض فلسطين لتكون أرضا صافية لليهود   كمرحلة اولى، والقضاء على كل السوريين في المرحلة القادمة.

 واذا أجرينا جردة حساب للحرب المستمرة  نجد أنّه  ما من شيء نخسره بعد لو استمرت المعركة ، وأنّ العدو لديه الكثير مما يخسره  واهم خسائره هي هذا الكيان ووجوده وبقائه في بلادنا ،فالاستمرار في الحرب هو لصالحنا ،  لان حرب الاستنزاف هي في مصلحتنا،  وصحيح  انها  تجر علينا مزيدا من المآسي و الشهداء والدمار ولكن هذا  سيثمر تجذرا وبقاءً في الأرض والوطن  ومن ثم نصرا  ، بالمقابل سوف تجر على العدو اليهودي تآكل الدولة الموهومة  وازالتها  من الوجود وعودة شذاذ الافاق الى البلدان التي اتوا منها او يحترقون بنار مقاومينا. وان العدو مصر على استمرار القتال ليس لإنهاء المقاومة، بل لأنّه يدرك ان ليس بقدرته انهائها فهي قوية ومتماسكة بفضل وحدة الساحة الحربية عند المقاومة، وقد صار واضحا أن العدو مستمر بالحرب من أجل محاولة تثبيت أعمدة الكيان الغاصب من الانهيار والتي خلخلتها المقاومة وأصبحت آيلة للسقوط.  ففرصة المقاومة في هذه اللحظة الذي يراها البعض ضعف للمقاومة هي الفرصة الاقوى في تاريخها، منذ أن فكر اليهودي باحتلال فلسطين. لذلك من واجب السوريين وكل أحرار العالم دعم محور المقاومة المقاتل، ليبقى قادرا على استنزاف العدو، التي ستجعل في بنيان سلطته وكيان وجوده، ميتا لان بنية لمة اليهود وسلطتهم هزيلة ووهمية وضعيفة، ولان هذه السلطة مشيدة على باطل وانتمائها كاذب ومزيف.

 إن حرب الاستنزاف على العدو اليهودي وحلفائه هي طريق النصر وأيقونة التحرير. لذلك إما  أن يخضع العدو لشروط المقاومة، بفك الحصار، والخروج من كامل غزة، وبسط المقاومة سلطتها على كامل غزة دون شراكة مع أحد سواء عرب او اجانب، والسماح بالإعمار دون عوائق، وفك الحصار عن غزة وعن مناطق الضفة، وإطلاق جميع الاسرى من سجون العدو  ،أو خيار الاستنزاف العسكري والاقتصادي والاجتماعي القوي والحاسم للعدو الذي سيجعله يلفظ أنفاسه الأخيرة نتيجة هذا الاستنزاف، مع العلم أن القاصي والداني يعلم أن المقاومة قادرة على الاستنزاف لسنوات طويلة لأنّها أصلية في النفسية السورية. و هذه البطولات التي سطرها  أهل غزة وجنوب لبنان ماثلة للعيان لمن يريد أن يتحقق. أمام العدو اليهودي اليوم ثلاث خيارات

. 1- الاذعان لشروط المقاومة

2- الاستنزاف

3- الانتحار.

والخيارات الثلاثة طريقه للهلاك والفناء ونصر وتحرير لنا

فلينخرط الشعب السوري كله في حرب الاستنزاف وليدعم المقاومة المقدسة ،  وقريبا سترون فلسطين وكل بلادنا مطهرة من الرجس اليهودي