دعا مجرم الحرب نتنياهو، في خطابه أمام كونجرس أميركا، إلى تشكيل حلف نيتو شرق أوسطي. الفكرة أميركية الأصل، تُتَداول منذ سنوات. وقد طرحها الرئيس الأميركي الحالي جوزف بايدن، خلال زيارته إلى المنطقة في النصف الأول من تموز 2022، حيث دعا آنذاك إلى تشكيل تحالف من دول الخليج الست بالإضافة إلى مصر والأردن والعراق. وعندما استضافت واشنطن قمة النيتو بين التاسع والحادي عشر من تموز الجاري، دعت ست دول عربية إلى المشاركة فيها، وهي مصر والأردن وتونس، وقطر والبحرين والإمارات. بطبيعي الأمر، لا يمكن، بل يستحيل أن تدعو واشنطن إلى تحالف من هذا النوع فيه خير للعرب. هنا، نضع الأساس الأول لالتقاط أهداف هذا التحالف. وعندما تأتي الدعوة لتشكيله على لسان مجرم الحرب نتنياهو، وفي كونجرس أميركا، تتضح الصورة أكثر بخصوص التحالف المشبوه إياه. وبما أن الفكرة أميركية في الأساس، والداعي هذه المرة نتنياهو، فهذا يعني أول ما يعني أن الكيان الصهيوني اللقيط سيكون حجر رحى النيتو الشرق أوسطي. ولكي يكتمل اتضاح الصورة ويصبح بمقدورنا تحديد الأهداف بدقة أكثر، لا بد من إضاءة موجزة على النيتو الأصلي. عندما يُذكر حلف النيتو، يستحضر الذهن الحروب العدوانية والاحتلالات والتدخل في شؤون الدول التي لا تروق سياساتها للبيت الأبيض. ولا ننسى أن حلف النيتو، أنشأته أميركا وغربها الأطلسي سنة 1949، ضد الإتحاد السوفييتي السابق ومعسكره الاشتراكي. أما الهدف الرئيس، فكان احتواء المستهدفين آنذاك بالقوة والترهيب والحصار والتدخل في شؤونهم الداخلية. إذن، النيتو الأصل نشأ في مواجهة “عدو”، وبالتالي، لا يمكن أن يشذ النيتو الشرق أوسطي الفرع عن هذه القاعدة. وبمستطاعنا الإفادة من إلمعيات تُنشر في وسائل إعلام غربية بخصوص مشاركة قوات عربية في إدارة قطاع غزة، للإحاطة أكثر بحقيقة النسخة الجديدة من النيتو المدعو إلى تشكيلها في منطقتنا.
تأسيسًا على ما تقدم، النيتو الشرق أوسطي موضوع حديثنا يضم الكيان الصهيوني اللقيط ودولًا عربية (اقرأ أنظمة عربية). أما العدو المستهدف، فهو إيران وقوى المقاومة العربية للمشروع الصهيوني. وما تريد الأنظمة العربية المتحمسة لهذا التحالف الشيطاني أن تبلوره على أرض الواقع بمشاركتها، سيحقق لأميركا والكيان ما لم يكونا يحلمان به وإن كانا قد سعيا في سبيل تحقيقه. فالعدو التاريخي لأمتنا وراعيه الأكبر الولايات المتحدة الأميركية، سيواجهان إيران بالعرب، بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات الخاسر الأول من كلفتها الباهظة شعوب المنطقة، وبشكل خاص الشعوب العربية. ولعل أول ما يخطر بالبال في هذا السياق، التأسيس لعداءٍ يدوم طويلًا بين شعوب شقيقة تربطها علاقات الجوار والأواصر الحضارية والثقافية المشتركة. ونضيف إلى ذلك ما لا يقل خطورة مما قلنا قبل قليل، ونعني تأجيج الاحتقان ثم التنازع المذهبي على أرضية “سنة- شيعة”. وهو ما يوفر زخمًا جديدًا لسعي الكيان الصهيوني في تأجيج الصراعات الدينية، لحرف الأنظار عن حقيقة صراعنا معه. ونضيف إلى ما ذكرنا من أهداف للنيتو الشرق أوسطي، دمج الكيان في المنطقة وفتح أبواب التطبيع معه على مصاريعها بغطاءٍ رسمي عربي. وهناك هدفان أميركيان ليس يفوتنا بسطهما بإيجاز، أولهما، إبقاء منطقتنا تحت الهيمنة الأميركية لأطول أمد ممكن. وثانيهما، الظهور القوي لواشنطن على المسرح الدولي في مواجهة تحدي التعددية القطبية والقوى الدولية الصاعدة الدافعة بقوة في هذا الاتجاه، وعلى وجه التحديد روسيا والصين.
مقصود القول، فكرة النيتو الشرق أوسطي مرتبطة أساسًا بالصراع العربي الصهيوني. وعليه، فإن هدفها الرئيس إنهاء هذا الصراع لصالح العدو التاريخي لأمتنا وتصفية القضية الفلسطينية!