افلاس ميناء “ايلات “أبرز انهيارات مؤسسات العدو على طريق انهيار القطاعات الاقتصادية في الكيان الصهيوني

افلاس ميناء “ايلات “أبرز انهيارات مؤسسات العدو على طريق انهيار القطاعات الاقتصادية في الكيان الصهيوني

يتلقى الكيان الصهيوني منذ بدء عملية “طوفان الأقصى “الصدمة تلو الأخرى ويترافق ذلك مع الارتفاع الكبير في أسعار الفائدة وارتفاع الأسعار، والتعبئة الجماعية لقوات الاحتياط الصهيوني… وسواها من الصدمات التي تسببت بتدهور الأوضاع الاقتصادية والتجارية والاجتماعية.

ويعيش الكيان الصهيوني أسوأ حالاته المتجلية في الانهيار الاقتصادي المروع الذي يطال كافة القطاعات، بحيث باتت حكومة العدو عاجزة عن تحقيق أي تقدم في هذه المجالات، وبالتالي فإن الانهيار كامل وسط صمود قطاع غزة ومقاومته وأهله رغم المآسي التي يعيشها.

ولعل إفلاس “ميناء إيلات” الذي اعترف القيمون عليه والمسؤولون فيه، به، هو الانعكاس الأخطر على اقتصاد الكيان، فهو في مرحلة سابقة لعملية “طوفان الأقصى” كان الشريان الحيوي لحركة التجارة وأحد عناصر الدعم الأساسية للاقتصاد الصهيوني.

منذ بدء الحوثيين باستهداف السفن المارة عبر البحر الأحمر منذ ثمانية أشهر خصوصاً تلك التي تدعم الكيان الصهيوني، لم يشهد ميناء إيلات أي نشاط أو إيرادات مما تسبب في انخفاض حركة الشحن بنسبة 85 في المئة وفق الرئيس التنفيذي للميناء جدعون وجلبرت. وهذا الانخفاض الحاد في حركة الشحن أدى إلى خسائر فادحة للميناء ما اضطر جلبرت إلى طلب المساعدة المالية من حكومته التي تتخبط في مشاكلها وذلك لتغطية نفقاته وتجنب تسريح العمال فيه وإغلاق هذا الميناء نهائياً، خصوصاً أن هذا الميناء هو أحد أهم موانئ العدو على البحر الأحمر ويمثل بالنسبة إليه بوابة رئيسية للتجارة مع آسيا وأفريقيا. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هجمات الحوثيين توسعت لتشمل السفن الأجنبية المتوجهة إلى الموانئ الأخرى للعدو الصهيوني، ثم سفن الشركات التي تتعامل مع الكيان الغاصب.

الجدير ذكره أن الطريق البديل عن البحر الأحمر يتطلب الالتفاف حول الطرف الجنوبي لقارة إفريقيا مما يطيل الرحلات إلى البحر المتوسط لمدة تتراوح بين أسبوعين و3 أسابيع ويزيد بالتالي التكلفة على السفن ورسوم التنقل. ولأن ميناء إيلات يقع على الطرف الشمالي للبحر الأحمر، فقد كان من أوائل الموانئ التي تأثرت بعد أن غيرت شركات الشحن مسار السفن لتجنب هجمات الحوثيين في اليمن. وبالتالي بلغت نسبة خساراته الحد الأقصى مما جعله يعلن إفلاسه وبالتالي إغلاقه.

لقد شكّل ميناء إيلات خلال العامين الماضيين نقطة الدخول الرئيسية للسيارات إلى “إسرائيل”، كذلك فإن هذا الميناء شهد عام 2023 وصول 150 ألف سيارة عبره، في حين لم تصل عام 2024 أي سيارة، مما وضعه في “وضع حرج” وفق ما قال رئيس مجلس إدارة الميناء ومالكه، آفتي هور ميرو. 

للإضاءة على مدى أهمية  ميناء إيلات  الاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية للكيان الصهيوني  نشير الى احرص سلطاته على تطويره خصوصاً في ظل ما يعرف ب”اتفاقيات السلام العربية الاسرائيلية”. لذلك فإن أي نزاعات إقليمية تقود إلى إغلاق طريق الملاحة إليه وبالتالي تراجع النشاط التجاري للعدو.

ويقع ميناء إيلات في أقصى جنوب فلسطين المحتلة، عند ملتقى صحراء النقب مع رأس خليج العقبة، في بيئة صحراوية قاحلة، بين مدينتي العقبة الأردنية شرقاً، وطابا المصرية غرباً.

وعبر ميناء إيلات يمر نحو 5% من تجارة “إسرائيل”، وما يقارب 50% من تجارة المركبات فيها، وتصل عمليات التفريغ والتحميل في الميناء إلى مليونين و100 ألف طن من البضائع، و70 ألف سيارة و50 ألف حاوية سنوياً. ويُصدّر عبره الفوسفات والبوتاسيوم والمعادن والخامات، ويستورد الكيان من خلاله النفط والأخشاب، ومواد البناء، والمواد الغذائية والمركبات.

ومن جانب آخر، يعتبر العدو الصهيوني أن للميناء أهمية استراتيجية عسكرية وأمنية إذ له القدرة على استيعاب سفناً حربية جاهزة لمواجهة الضربات القادمة من الجنوب.

وتطال الأوضاع الاقتصادية لميناء إيلات المنهارة الخسائر السياحية إذ يفِد إلى مدينة إيلات ما يقارب مليون شخص سنوياً طلباً للسياحة. وهذه الحركة توقفت كلياً بعد “طوفان الأقصى”.

منذ آب 1985 تحول الميناء إلى منطقة تجارة حرة، وبالتالي أصبح يتمتع بميزة إعفاء الشركات من رسوم الاستيراد، ومثّل ذلك عامل جذب وعنصراً مهماً للمنافسة التجارية مع الموانئ الأخرى، ودفع إلى زيادة حركة التجارة والإيرادات في الميناء.

في العودة إلى تأسيس ميناء إيلات، المعلوم أن الكيان الصهيوني قام منذ قيامه على اغتصاب الأرض واحتلالها، احتل “أم الرشراش” في 1949، وأصبحت المنطقة تحمل اسم “إيلات”، وبدأت باستقبال السفن القادمة من البحر الأحمر وخليج العقبة في مرفئها منذ أوائل الخمسينيات من القرن العشرين، غير أن المرفأ لم يكن صالحاً لرسو السفن بسبب افتقاره للمعدات والتطوير، إذ كانت السفن تفرغ حمولتها على قوارب صغيرة في عرض البحر. من هنا عمل العدو على تطوير الميناء لأهميته الإستراتيجية، ولكونه مشروعاً أساسياً لتطوير مدينة إيلات من جهة أخرى.

وخلال حقبة السبعينيات ازدهر الميناء، وتوسعت تجارة العدو الإسرائيلي مع الأسواق في آسيا، لا سيما اليابان، واستمر تطوير نشاطات الميناء في العقود التالية.

وبحلول 2005 بدأ ميناء إيلات العمل بصفته شركة حكومية مستقلة عن هيئة الموانئ، وهو ما ساعد على زيادة إيراداته. وفي 2013 خصخصت هيئة الموانئ الحكومية الميناء، إذ باعت امتياز تشغيله لشركة خاصة لمدة 15 عاماً، بهدف زيادة المنافسة وتحسين جودة العمل. وحصل ما لم يكن في حسبان هذا العدو إلا أن “طوفان الأقصى”  والعمليات الحربية التي استهدفت نطاق خطه التجاري أطاحت بالميناء وبحركته وتم إعلان إفلاسه، كذلك  اعلن رئيسه التنفيذي تسريح عدد كبير من عماله  ليؤكد ذلك حجم الخسائر التي يتكبدها العدو اضافة إلى انهيارات  في القطاعات الاقتصادية الأخرى في  هذا الكيان الغاصب سرعان ما تظهر تباعا