المقاومة هي الحل والامل

أدت المسرحية المعروفة بإسم “عملية السلام” إلى توقيع اتفاق “أوسلو” مع منظمة التحرير الفلسطينية، واتفاقية “وادي عربة” مع الأردن، وصولًا إلى “اتفاقيات ابراهام للسلام” أو السلام الابراهيمي. وكانت مصر السادات قد مهدت الطريق لهذا الاختراق الصهيوني، بتوقيعها اتفاقيات كامب ديفيد سنة 1978.

جَنَحَ بعض النظام الرسمي العربي “للسلام”، وهو يعلم أنه لا يستطيع فرضه ولا الحصول عليه. والتاريخ يعلمنا وهو خير معلم، أنك لن تحصل على طاولة المفاوضات مع عدوك أبعد من مرمى مدفعيتك على الأرض. فكيف عندما تكون من دون مدفعية، وتفاوض عدوًّا عنصريًّا استيطانيًّا احلاليًّا، مثل الكيان الصهيوني الشاذ اللقيط؟!

عدو مُدجج بمخزون من الأحقاد والكراهية وعقد النقص التاريخية، وينهل من أساطير توراتية تبرر العدوان وتشرعن مقارفة الإجرام وحروب الإبادة والقتل بإسم السماء!

والذي نراه أن توقيع اتفاقيات “سلام وتطبيع” مع كيانٍ لقيط شاذ على هذه الشاكلة، أقرب ما يكون إلى استسلام منظم بإسم سلام ثبت بالأدلة القاطعة الفاقعة أن ليس له من اسمه نصيب يُعتد به. هذا ما تؤكده ممارسات العدو على الأرض، وإمعانه في العدوان والتنكر للحقوق المشروعة الشعب العربي الفلسطيني. بعد “جنوح” بعض العرب للسلام بعصا أميركا وجَزَرِهَا، اشتط العدو في نزوات غروره الوقح، وتمادى في عدوانه. ضاعف التوسع الاستيطاني في فلسطين المحتلة سنة 1967(الضفة الغربية). وزادت وتيرة مصادرة الأراضي، وإقامة المناطق العسكرية إلى مستويات غير مسبوقة. وفق إحصاءٍ أصدرته حكومة الكيان نهاية العام الفائت قفز عدد المستعمرين في الجزء المحتل من فلسطين سنة 1967 إلى 517 ألفًا، وذلك تماشيًا مع ما يُعرف بخطة المليون مُستعمر لتغيير الواقع الديمغرافي. وأخيرًا، صادق الكنيست الصهيوني على مشروع قرار يرفض إقامة دولة فلسطينية. وهو ما يعني ضمن أمور عدة، دفن أشلاء مسرحية السلام ومخرجاتها.  

وإذا طُلب إلينا اختزال ما أنف بيانه في أقل عدد من الكلمات، لن نتردد بالقول إنه تأكيد المؤكد منذ زرع الكيان الصهيوني الأنجلوساكسوني في فلسطين، ومفاده أن صراعنا معه صراع وجود أولًا وأخيرًا. هذه الحقيقة الساطعة سطوع الشمس في رابعة نهار تموزي، لم تخطئها بوصلة المقاومة بكافة فصائلها ومواقعها منسجمة مع حركة التاريخ ونواميسه في مواجهة السرطان الصهيوني العدو التاريخي لأمتها. مقابل تهافت المتهافتين على التطبيع مع الكيان وتوقيع اتفاقيات مُذلة معه، ضاعفت المقاومة مستوى جهوزيتها لمقارعة العدو وإيلامه. وقد بلغت ذروة انجازاتها، خلال الآونة الأخيرة، في طوفان الأقصى يوم السابع من أكتوبر 2023. ما بعد هذا اليوم لن يكون كما كان قبله، حيث تلقى العدو التاريخي لأمتنا صفعة لم يعتدها منذ 1948 باعترافه. اخفاق أمني واستخباري وعسكري، ليس له سوى معنى واحد: سقوط اسطورة “الجيش الذي لا يقهر” إلى الأبد. العدو يتكبد خسائر مؤلمة ليس بمستطاعه اخفاؤها، حيث يتابع أحرار أمتنا والعالم بارتياح واعجاب وتأييد انخراط فصائل المقاومة في لبنان واليمن والعراق في مساندة غزة ضد العدوان الصهيوني الهمجي. ضربات المقاومة متواترة، تؤلم الكيان. وصمود غزة الأسطوري، رغم الكلفة الباهظة، أفشل خطط العدو المعلنة وأفقده صوابه. نصف مليون نازح داخل الكيان، بفعل صواريخ المقاومة من جنوب لبنان وقطاع غزة، بعد أن كان النزوح مُلازمًا للفلسطينيين والعرب. ويشهد الكيان هجرة معاكسة، حيث تؤكد مصادر رصينة مغادرة نصف مليون مُستعمر صهيوني، في أقل التقديرات، لفلسطين المحتلة. وليس يفوتنا التذكير بأن الهجرة المعاكسة من فلسطين ضربة لأساسات العقيدة الصهيونية، القائمة على الإستعمار وتهجير أصحاب الأرض والإحلال. قطاع السياحة شبه منهار، وقطاع الزراعة ليس أفضل حالًا. شركات كثيرة أغلقت أبوابها، وارتفعت معدلات البطالة، ناهيك بهجرة الاستثمارات وبخاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة ذات المكانة المركزية في البناء الاقتصادي للعدو.

مختصر  القول تأسيسًا على ما تقدم، ثمانية عقود تقل قليلًا من الصراع مع الكيان الصهيوني اللقيط، أكدت أن المقاومة هي الحل وهي الأمل.