لكي لا تذهب كل التضحيات التي قدمت هدرا من أبو غريب إلى غزة مروراً بكل عواصم المشرق الملتهبة علينا وضع استراتيجية حياة جديدة بديلاً عن تلك التي سادت لقرن منصرم وكانت سبباً لسيل الدماء الحاصل الان والذي من المنتظر ان يستمر إلى ان تقر الحقوق ليس فقط تلك التي تحاول الإمبريالية التملص منها، بل ايضا الداخلي حيث الحاكم المصاب بلوثة السلطة يستعين بالقوة لاستدامة حكمه ويحجبها عن العدو بانتظار التوازن الاستراتيجي.
مناسبة طرح هذا الموضوع كان يجب ان يكون قبيل عيد الاضحى، المناسبة التي غيرت المضحى به فاستعين بالكبش بدل البكر من ذكر العائلة. على ما يبدو ان الطقوس التي مارسها الإنسان لتهدئة غضب الطبيعة لا تسري على الارض في حال اغتصابها.
الاولى يمكن ممارستها بواسطة الدم البهائمي اما الثانية فتتطلب دماً آدمياً نشهد إراقته كل طلعة شمس في مشرق شمسه كانت من بين العبادات الاولى له وبعلبك شاهدة على ذلك.
لوضع نموذج حياة جديدة علينا استعراض النماذج التي أقيمت طيلة حياتنا وحياة أسلافنا من إمبراطوريات قوضت، إلى تلك الايمانية مما يقال لها نماذج إبراهيمية حكمتنا باسم المقدس لكن كما يبدو لم يستطع الواحد الأحد حمايتها من نفسها فسقطت الواحدة منها تلو الأخرى. وما المحاولة الحالية من قبل اليهود لإعادة بعثها من جديد وأسلوبهم المتبع على حساب دماء الناس إلا عينة عن المقدس وحكمه كما كان حاله مع محاكم التفتيش ومع ثلة من الخلفاء ورجال دين قيل عنهم علماء كفروا كل من يحاول استعمال العقل والمنطق فعملوا المقصلة بالرقاب ناهيك عن النماذج الأخرى التي جعلت من المجتمع بحالة ارهاب دائم ممن كان من الواجب عليهم تأهيله ثقافياً لمواكبة مشروع الدولة الذي انبثق اثر سقوط حكم ال عثمان فيقوم بواجب حماية بلاده من محاولات الهيمنة الخارجية ونهب مواردها بدل مما هو فيه الان بتحارب داخلي يكاد يقضي على الجميع حكاماً ومحكومين.
يعشق حكامنا الأدوات الدولية التي تحكم الدولة خصوصاً في مجال الحروب ينصاعون للجان وصندوق النقد والبنك الدولي لكنهم يتبرمون عن تلك المتعلقة بحقوق الإنسان ويحيلون ذلك لأنظمة بائدة أعلنوا عنها بعد إخفاقاتهم المتكررة في دحر العدوان من قوانين طوارئ وغيرها تمكنهم من الاستعداد لمقارعة العدو الذي استطاب ما يقومون به ولم يكتف بذلك، بل شجع شعوبهم على ما قيل انها ثورات ملونة.
ليس صعباً اقامة نموذج حياة جديدة مهما كان نوع الحكم ملكي او جمهوري رأسمالي ام اشتراكي. طالما الدولة تقوم بواجبها تجاه كافة مواطنيها وتكفل الحريات التي اعتاد عليها الناس ان من موروثهم الاجتماعي او الروحي،اما السياسي الذي يعتبر الطامة الكبرى للنماذج الشرقية فيمكن بلورته ليحظى الحكم بشرعية لا يستهدفها احد لا داخل المجتمع ذاته او خارجه هناك قاعدة فقهية بالإسلام للذين ينظرون لحكم الدين تقول وأمركم شورى بينكم،كما وهناك قواعد كثيرة اخرى استنبطها فقهاء القوانين من حالات الحكم التي خبروها كمبدأ فصل السلطات وتوازنها وحيادية المحاكم وتكافؤ الفرص وتداول السلطة الخ .الخروج من النماذج الحالية اصبح واجباً بعد الفوضى التي عمت وكاد المجتمع السياسي ان يتلاشى وقبض الميليشيا على مفاصل الدولة كما في العراق ولبنان وبقاء دمشق ضمن الإطار المركزي لا يعطيها حق العودة إلى ما كانت عليه حتى بظل صمود جيشها والمجتمع المديني الذي أخفقت السلفية الجهادية في تأطيره نسبياً.
تضحيات شعبنا يجب ان يتولى الجميع صيانتها حكاماً ومحكومين والعودة إلى الوراء تعتبر من الآثام الكبرى لأننا جميعنا نعيش حالة واحدة من الفوضى ووقعنا في ألافخاخ المعدة لذلك متحداً متحداً،واذا كانت فلسطين الضحية الاولى وعليها اليوم تدور الدوائر فقد احدث اهلها المعجزات كما حال جنوب لبنان لذا على الجميع اخذ العبر والدروس لكي لا يعيد التاريخ نفسه لان من نشهده من تفتيت ومكابرة لا يبشر بالخير .