النّفير

النّفير

صرلك سنين سنين يا رعد الزئير بتفجفج الأفلاك وهياجك نذير
من ربع قرن وكلنا في المعمعه ومن وقتها معلون في الأمة النفير

معلون في الأمة نفير المعمعه من موقعه نخرج وندخل موقعه
بنفوس بالصبر العجيب مدرّعه والصبر قوه تحقق النّصر الأخير

نحنا نفير الحق، عالباطل نثور وحجالنا بتغف عالهيجا نسور

خلقنا بساحات الجهاد مصارعين وصراعنا ضد المفاسد والشرور
ما منترك الميدان إلا زايحين عن ربعنا الضيم الذي هد الظهور
ما منتركو ونفوسنا شعلة حنين لقتال ما بيفنى إذا بتفنى الدهور
من راس قمه لراس قمه صاعدين آفاق تتفتح ونور يفجّ نور
ثوره على الجبن ورجالو المفسدين والصابغين الصدق بمساحيق زور
ثوره على الحقد وعلى المتنكرين لبلادهم والخاليين من الشعور
ثوره على الشذّاذ والمتقلبين والقالبين الخصب والعمران بور
ثوره على من عزّ أمّه بايعين بالذّل، والساعين فيها للقبور
ثوره على الضعف وعلى المستسلمين للعجز، والقوه بأمتهم تفور
ثوره على من بالغريب مقيدين أبواق تنفخ سمّ وتحرتق غرور
ثوره وحيّ الله عليهم أجمعين علّ وعسى تثمر بتربتهم زهور
والشرّ يقلب خير، والنصر المبين في كلّهم يحصل وتتصفى الأمور

ويعيش ربع العزّ في راحه وسرور والكل تلحقهم حياة من الخمير
كانت خميرة خير معجونه بجهاد خبز العزيمه قدمت قوت البلاد
خبز الثقه والتضحيه، خبز الرشاد، خبز الهدف،خبز الشرف،قوت الضمير

يا جبلة الإيمان يا روح الحياة يا من مزجناك بدم وتضحيات
هيهات يقدر يمنعك ظلم الطغاة عن فاعليه دفقها نور وسعير

يا أمة العز الكريمه تأمنّي ضمنت انتصارك والخلود بتضمني
ويا رواح من ماتوا فداها، تطمني: سر العقيده حطنا بساحة صراع
وصراعنا تا نحقق الأمر الخطير
(البيدر، نوّار1955)

تمّوز
يا نهر مالك في اضطراب وفي زفير حتى كأن الحشرجه بصوتك زئير؟
بالصيف بتنام النبوع الجاريه وبيحولك تموز عصفات وهدير

موجات حمرا من حشاك منبّعه في كل مدّ وجزر تفلش زوبعه
ونار العقيده في الزوايا الأربعة منها اللُّجج في البحر تتشاقى سعير

يا نهر آدونيس، يا نهر الحياة في أمتك لا تظن آدونيس مات
خنزيرها البرّي فني، وتمّوز بات معنى الحياة وسرها وصوت النفير

دم الشهاده عن ضفافك ما انمحى والشوك منّو صار جنّه مفتّحه
والنّصر عالمغدور سلّم باللحى والقبر أصبح روض، نفحاتو عبير

والأرض لما شربت الدّم البري سكرت، ويابس غصنها تحول طري
وصار الإبا في عروقها يجري جري وأمّن عجين الحق بوجود الخمير

تمّوز بقيت في انتظارك عشتروت والليل فجرو ملّ، والغابه سكوت
يا عاشق الأمة التي شادت بيوت فوق المجرّه وأعطت الوحي المنير
والدّهر كرّ وزاغت بإيمانها وعدت وظهرت بقلبها، بلبنانها
وقدّمت دمّك وانهدر من شانها حتى عطشها يرتوي ويحيا الضمير

يا نهر ماشي والدّما تجري معك تزحف مع الأجيال تفجّر منبعك
غنّي نشيد النّصر حتى نسمعك والنصر غايتنا وهدفنا والمصير

يا نهر، لا تحزن على إبن الخلود ما كلّ حيّ ان مات يفنى في اللحود
ولا كل ميت ان عاش يرضاه الوجود والعمر لل بيحقّق الأمر الخطير

يا نهر وشوش أرضك الجاري بها عن دم طاهر منّسفك في حبها
ولمّا شطوط العزّ تهدر قربها وصّل أمانينا إلى البحر الشهير

تموز خالد بالعقيده والفدا فينا، وعناد الحق باقي عالمدى
ولو كل درب النصر أهوال وردى كاس المنايا منشربو أطيب عصير

منّصف عا خطوط الفدا اجسادنا للفوز حتّى يعبروا أولادنا
وتبلى الحياة ان ما جعلنا بلادنا ترجع لعزتها بماضيها الكبير

وترجع مراكبنا العواصف ماخره تشق المخاطر، بالمصاعب ساخره
من قبلنا ما شاف ازرق باخره ولا للهدايه عرفت الدنيا سفير
يا أمّتي، خنزيرك البرّي مضى عهدو، وعهد الحق خيّم عالفضا
لا تحسبي ولّا زمانك وانقضى ما دامنا خلفك إلى النصر الأخير
(البيدر، تموز 1952)
نبذة عن حياته:
ولد وليم صعب ، “أمير الزّجل “، في تحويطة الغدير في 16 أيار 1912. وتلقى دروسه في معهد الحكمة الذي تخرج منه في العام 1928. وهناك ظهرت موهبته في كتابة الشعر وارتجاله فصيحة وعامياً، وقارع كبار شعراء المنبر في زمانه، مثل شحرور الوادي ورشيد أيوب. وسرعان ما أنشأ جوقة زجلية ليكون للمنبري الكبير شحرور الوادي من يجاريه في القول المرتجل. لكنه هجر المنبر الزجلي ثم أوقف الجوقة عقب وفاة الشحرور عام 1937.
أمضى وليم صعب معظم حياته في المجال التربوي، بدءاً من إدارته المدرسة المسكوبية في الشويفات وهو في الثامنة عشرة، والتعليم في عدد من المدارس، وإدارة عدد آخر، قبل أن يؤسس مدرسة “الأم” في بيروت عام 1970, التي استمرت حتى أواخر الثمانينات.
أنشأ مجلة مخصصة للشعر والثقافة الشعبيين عام 1933 باسم “البلبل”، وبدّل الاسم مرات عدة فصار “بلبل الأرز” ثم “أمير الزجل” و”البيدر”، واحتجبت المجلة عام 1975 بسبب الأحداث الدامية في لبنان.
استلم وليم صعب إدارة القسم المخصص للأغاني الشعبية والشعر الشعبي في “راديو الشرق”، إذاعة لبنان، بين 1938 و1946, حيث نظم عدداً كبيراً من الأغاني كانت طليعة ما يُعرف بالأغنية اللبنانية مثل: أغنية الأم، وأغنية الشجرة، ونشيد الجندي وغيرها.
انتمى وليم صعب الى الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1935 ونشط في مديرية جل الديب.
اول عمل له في الحزب كان تلخيص صحف الصباح وتقديمها الى الزعيم ليطّلع على الاخبار اليوميّة. كمااعتقل عام 1937. وقد كتب عن فترة انتمائه و عمله الحزبي في كتابه “حكاية قرن”.
توفي في 30 تشرين الثاني 1999. وأقيم له مأتم رسمي وشعبي حاشد في بيروت وفي بلدته الشويفات حيث نقل جثمانه.