من الذي يقف على حافة الهاوية؟

حافه الهاوية هي الوصف الدقيق للرسائل الخطرة التي نقلها المبعوث الاسرائيلي- الامريكي هوك شتاين (الضابط السابق في سلاح المدرعات في الجيش الاسرائيلي وموظف الخارجية الامريكية اليوم) مباشرة من رئيس الحكومة (الاسرائيلية) نتنياهو للحكومة اللبنانية ولرئيس مجلس النواب اللبناني والتي حددت موعدا دقيقا لاستجابة المقاومة اللبنانية للطلب- التهديد (الاسرائيلي) بانسحاب المقاومة الى شمال نهر الليطاني والا الحرب والويل والثبور وعظائم الامور.
يعرف نتنياهو واركانه حربه ان المقاومة اللبنانية لن تستجيب لهذا الطلب ولن ترتعب من هذا التهديد فلم تستطع كل الة الحرب (الإسرائيلية) بالسابق دفع المقاومة للانسحاب الى شمال نهر الليطاني هذا التهديد هو حافة الهاوية وهو الذي يعني ان ليس امام الحكومة (الإسرائيلية) الا احد خيارين اولهما التراجع عن التهديد والظهور بمظهر الضعيف الامر الذي يعني نهاية الردعية (الإسرائيلية) وتدهور المكانة الاستراتيجية بالكامل، وثانيهما الدخول في حرب ضروس ستكون تكلفتها بالغة الارتفاع على طرفيها، وحتى لو كانت قدرة دولة الاحتلال العسكرية التدميرية هائلة وتفوق قدرة المقاومة اللبنانية بأضعاف الا ان لبنان مثله مثل غزة يملك قدرات اكبر على الصمود وعلى تحمل اعباء الحرب و أكلافها.
لم تبد المقاومة اللبنانية خوفا ولم ترتجف رعبا من هذا التهديد فهي ليست مردوعة بالأصل وانما ارادت ان تكون رادعة هذه المرة، و قد جاء ردها حاسما وقاطعا ومفصلا على لسان امين عام حزب الله ليعيد القاء كرة الرعب الملتهبة في الملعب الاخر، فقد اكد ان المقاومة اللبنانية لا تريد الحرب وانما تفضل الاكتفاء بمشاغلة جيش الاحتلال ومساندة المقاومة في غزة والتزمت بقواعد اشتباك بان لا تستهدف المدنيين في مشاغلتها، ولكن في حال ارتكب العدو حماقة الدخول في حرب فان المقاومة اللبنانية على اتم جاهزية لها وتملك القدرة على خوضها، وهي ستكون حربا بلا الضوابط التي حكمت قواعد الاشتباك حتى الان، واكد انها لن تكون وحيدة وانما معها محور يحدد مقدار مشاركته حسب مجريات الحرب ومتطلباتها و في قوس جغرافي بالغ الاتساع، من البحر الاحمر و الزاوية الغربية لشبه الجزيرة العربية مرورا بالمحيط الهندي وبحر العرب والخليج وصولا الى اواسط اسيا وشاملا كامل سواحل البحر الابيض المتوسط وجزره وموانئه وحقول غازه و خطوط ملاحته، هكذا استقبل الاسرائيلي وداعميه من غرب وعرب الكرة الملتهبة فهم جميعا قد اصبحوا على حافه الهاوية التي دفعتهم اليها السياسات الحمقاء للحكومة (الاسرائيلية).
تعددت الرسائل التي جاءت في خطاب امين عام حزب الله وكانت كما هي العادة ليست فقط فيما قال وتم ذكره انفا وانما الاخطر فيما لم يقل وهي تلك الرسائل التي اشار اليها بشكل غير مباشر ولكنها وصلت الى من يهمه الامر وتحديدا عندما ذكر ليله ارسال ايران مسيراتها وصواريخها الى فلسطين المحتلة وان دولا ست قامت باعتراضها ومحاولة عرقلة وصولها الى فلسطين المحتلة ذكر منها ثلاث دول غير عربية وامتنع عن تعداد الباقي العربي الا انه لاحقا وعند الحديث عن دور قبرص المحتمل في منح تسهيلات عسكرية لدولة الاحتلال، اكد بان كل من يعمل داعما او فاتحا مجاله الحيوي الجوي او البحري او مقدما مساعدة لدولة الاحتلال سيعامل على انه شريك في الحرب وعدو مباشر وهنا يعود الكلام معطوفا على الدول الثلاث التي لم يذكرها بالاسم وليس على قبرص فقط.
لم يعد يفصلنا عن الموعد الا ايام قليلة، ارسلت الولايات المتحدة استعدادا لها وشدا للعصب (الاسرائيلي) حاملة الطائرات (جيرالد فورد) الى حيفا، فيما مصير حاملة الطائرات (ايزنهاور) ماثلا امام من يقرأ الوضع الاستراتيجي، فلم تحتمل (ايزنهاور) الصواريخ اليمنية والتي عطلت مدارجها مما اضطرهم الى سحبها لإعادة تأهيلها.
تحاول الولايات المتحدة درء خطر الوقوع بالهاوية، ولكن في وضع حرج وضعها فيه نتنياهو، وبالتنسيق مع واشنطن تنشط مصر وجهاز امن الدولة ووزارة الخارجية في بذل الجهد والبحث عن مخارج لا تبدو واضحة و لكنها قد تتضمن دفع اثمان للبنان دون اعلان، امكانية نجاح ذلك لا زالت محدودة و في عالم الغيب.
العد التنازلي آخذ في التسارع، ولا يستطيع نتنياهو القيام بعمليه محدودة فقط تنفيذا لتهديده، فالمقاومة لن تعطيه فرصة النجاة من المأزق الذي وضع نفسه وحلفاءه فيه، فيما لا يستطيع الا ان يمارس تضليله بانه سيعلن بالقريب النصر في غزة والقول بانه قضى على قدرات المقاومة الامر الذي تكذبه حقائق الميدان.
سعادة مصطفى ارشيد
جنين- فلسطين المحتلة