قمة البحرين …كفى الله العرب شر المواقف

ما كان لقمة عربية تنعقد في المنامة عاصمة البحرين وبرئاسة ملكها حليف اميركا وصديق اسرائيل ان تخرج بأكثر مما خرجت به من بيان كان اعد سلفا وتوافق عليه أركان التحالف العربي “المعتدل” لا يقدم ولا يؤخر ولا يحفظ ماء الوجه حتى. ولعلهم ليسوا بحاجة لحفظ ماء الوجه بعدما انكشفت كل الوجوه وسقطت الأقنعة.
حفل البيان الختامي للقمة السريعة جدا بعبارات منمقة عن العلاقات الاخوية وضرورة التعاون في التنمية ومشاريعها وما الى ذلك من اللازمات التي تتكرر في البيانات الختامية لكل القمم العربية والتي لا ينفذ منها شيء وتطوى في ادراج جامعة الدول العربية التي لا عمل لها سوى اصدار بيانات في مناسبات دورية او استثنائية ودفع رواتب لموظفين لا يعملون شيئا.
القمم العربية في الألفية الجديدة لا تناقش، يأتي الزعماء ويقرأون خطابات لم يكتبوها وغالبا بلغة عربية مكسرة، تتضمن عبارات عامة وأفكارا مكررة وعواطف كاذبة. ما عاد هناك محاور في القمة. مات أو قتل الزعماء المشاكسون وبات الزعماء كلهم تقريبا على نفس الموجة، ومن شذ حوصر من كل الجهات. انها قمة بلا صقور وبلا حيل وبلا أفق وبلا مشروع، فما ضرورتها وجدواها اللهم الا لتأكيد ان بعض الزعماء مازالوا أحياء وان لا أحد يتجرأ على اتخاذ القرار بالخروج.
المهم ان القمة خرجت ببيان ختامي، وطبيعي ان يكون موضوع فلسطين في قلب هذا البيان، فالحدث يفرض نفسه على العالم كله، وليس امام القمة مفر من اعتباره الموضوع الابرز لجلستها. وهكذا أيدت الدول العربية الـ 22 دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة إلى “عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين”، وكفى الله المؤمنين شر القتال، كما حاولت ابعاد نفسها عن القضية بالدعوة الى ارسال قوات دولية الى غزة بأنتظار حل الدولتين.
يعرف العرب جميعا ان هذا كلام انشائي قديم، فلا اميركا ستقبل به او ترعاه ولا اسرائيل في ظل انزياحها حكوميا وشعبيا وفكريا نحو التطرف العنصري ستقبل به، ولا يوجد محور ضاغط دوليا وعربيا لفرضه، حتى ان المتحدث باسم الأمم المتحدة سارع الى القول ان امرا كهذا يحتاج الى موافقة مجلس الامن، وهذا يعني وضعه تحت المقصلة الاميركية التي تعمل وفق المصلحة الاسرائيلية فقط. ان مؤتمر مدريد للسلام الذي أحضر اليه اسحاق شامير رئيس الحكومة الاسرائيلية بالقوة عام 1991 كان أشبه بمكافأة للعرب على مشاركتهم في التحالف الدولي لتحرير الكويت من “الغزو” العراقي. لكنه كان أشبه بفقاعة وانتهت مفاعيله فورا لسبب وحيد هو ان اسرائيل لا تريد السلام، وهو ما تجلى في حروبها اللاحقة المتتالية على غزة ولبنان والضفة الغربية.
طبعا لم تستجب اسرائيل ولا اميركا، ولن تستجيبا لنداءات القادة العرب وبيان قمتهم، ولن تتوقف الحرب على غزة، ففي حين كان هؤلاء يغادرون المنامة بعد انجاز مهمتهم العظيمة كان الكونغرس الاميركي يصوت على تزويد اسرائيل بما تحتاجه من قنابل لاستكمال حربها على غزة باقتحام رفح والقضاء على حركة “حماس” ردا على “تمهل” جو بايدن في ارسال الاسلحة الى صديقه نتنياهو على أمل اقناعه بتبطيء اندفاعته التي باتت تثير مشاكل لإسرائيل ولبايدن في اوساط الشباب والطلاب الاميركيين المحتجين على المجازر التي ترتكبها اسرائيل كل يوم وبالسلاح الاميركي.
لم تلاحظ القمة حركة التضامن الدولية مع فلسطين ولم تكترث لها، وتقرر قطع العلاقات مع اسرائيل، ولم تهدد بها حتى…. هذا امر غير قابل للبحث والمناقشة، ربما ينتظر الجميع وبينهم محمود عباس بالطبع، نهاية حركة “حماس” فيرتاحوا هم واسرائيل، ويفوتهم دائما ان هذه قضية لا تمكن تصفيتها