التفكير الانعزالي ينطلق من النزعة الفردية والشخصانية للسياسيين الدجالين المتاجرين بالوطنية او من المصلحة السياسية المذهبية أو الحزبية الضيقة والكيانية الشرذمة البغيضة، وهذه النزعة القاتلة هي التي أدت بالامة الى التحجر في قوالب مذهبية والتشرذم والضعف والضياع، وهي التي حللت المجتمع السوري، بل حللت الكيانات المصطنعة وجعلتها تتآكل وتنهار، وحللت التفكير الاجتماعي بالوطن السوري.
اما التفكير القومي ينطلق من مصلحة الامة والوطن ، ومصلحة الامة الحقيقية هي ذوبان المصلحة الفردية في مصلحة الجماعة -الامة ، والتفكير القومي لا يتعصب الى كيان او منطقة او اثنية او دين او مذهب، لان عقله النير ادرك حقيقة دورة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية المتفاعلة على البيئة الجغرافية السورية ، وادرك ان المصلحة القومية الكبرى هي التي تصهر المصالح الجزئية والخاصة والمذهبية والكيانية في مصلحة واحدة مصلحة المجتمع و ينتج عنها سياسة قومية صحيحة واعية تؤمن حياة الامة كلها ، وتقودها للارتقاء والتقدم .
وما السياسيين الانعزالين في لبنان إلا افرادا متعصبين تعصبا أعمى، يعملون لمصالح فردية تعود إليهم بالمنفعة الذاتية الشخصية، كارهين غيرهم سواء كانوا افرادا او كانوا من مذاهب اخرى او من سكان مناطق غير مناطقهم.
والانعزال السياسي في الكيان اللبناني نجد فيه افرادا نفعيين متفرقين متزعمين كتل بشرية غوغائية طائفية ومذهبية، يقدمون أنفسهم على انهم هم ابناء الحياة، وهم الوحيدين من يثمن الاجماع العربي المتهود والمؤيدين للسياسة الاميركانية والاطلسية الاستعمارية. الفرد من هذه الفئة المتزعم من هؤلاء الانعزاليين يتبجح ويقول انه وحده في استطاعته قيادة مذهبه نحو مبايعة خطط القوى الاستعمارية. وان هذا المذهب الذي يقوده، قادر على مواجهة الفكر القومي السيادي الاستقلالي والمقاوم الحر في لبنان والمحيط القومي.
ومن هذا المذهب السياسي الانعزالي برزت شخصيات سياسية متنافسة على قيادة المذهب وتقديم نفسها زورا انها هي الاقدر على قيادة الموارنة والمسيحيين عموما ولها القدرة والحنكة والضغط على احزاب المقاومة واحراجها.
والتنافس بين هذه الشخصيات وصل الى حد عرض كل واحد منهم لإمكانياته وألاعيبه البهلوانية الاول يقول انه هو المؤهل الوحيد على التحالف مع الحزبية السنية والدرزية وانا الشخصية الاولى الجامعة حولي الناس
والثاني يقدم نفسه انه هو من يقود المسيحيين الى الانفتاح وقادر ان يجمع حوله العلمانيين والوحدويين والممانعين من اللبنانيين، وقادر على التأثير على احزاب المقاومة الممانعة ولبننتها ويتمكن من ان يلجم اندفاعاتها غير الكيانية بحجة انه هو من يضفي عليها الشرعية عبر مساندة الممانعة بمؤسسات الدولة والمحافل الدولية وبيانها الوزاري. وجر لبنان الرسمي وغير الرسمي بنعومة الى المحور الأمريكاني والاطلسي واليهودي العربي المستسلم والمطبع بحجة فصل لبنان عن النزاعات العسكرية التي تدور على ارض الامة السورية وخصوصا فلسطين، وبحجة عدم قدرة لبنان على المواجهة حسب رأيه، وبحجة الواقعية السياسية والتسليم بالأمر المفعول. وما لنا باحتلال اليهود وحربهم على شعبنا في فلسطين شيء، ولسان حالهم علينا ان نحفظ لبنان ضمن حدوده المصطنعة وكأن لبنان كوكب مستقل في هذا الوجود.
ان المضي في اثارة النعرات الدينية والمذهبية والكيانية هي مهلكة للامة السورية وحتى مدمرة للكيان سواء للكيان اللبناني او الكيانات السورية الاخرى ، والحزبية الدينية البغيضة هي التي تبقي الامة مشتتة في متاهات التخلف والانحطاط الاجتماعي ،فرحمة بالشعب والاجيال القادمة، ورحمة حتى بالكيان اللبناني واي كيان آخر ، نطالب الرجعية الانعزالية التخلي عن سياساتها النفعية ،والاقلاع عن تقديم العروض الاستسلامية الى الدول الاستعمارية وعدم التسليم للإرادة اليهودية ،والتسليم ان النهوض بالمجتمع والارتقاء في الوطن يكون بالحياة القومية الواحدة ، ويكون بالإخاء القومي وليس بانقسام الشعب الى كيانات و طوائف ومذاهب ، ويكون بوحدة الشعب على اساس الوطن ، وليس على اساس ديني أو ائتلاف مذهبي او توافق طائفي او تقاسم طائفي للدولة.
وعليه يجب على كل سوري ان يدعم ويقاتل مع المقاومة في فلسطين ويدعم الممانعة في لبنان وفك الحصار الاقتصادي عنه ويساند ويقاتل على الجبهة المفتوحة في جنوب منطقة لبنان ، ويدعم ويقاتل مع الشام لتحريرها من الاحتلالات الأمريكية والتركية وتحريرها من الحصار المفروض عليها بواسطة قانون قيصر، ويدعم ويقاتل مع العراق لتحريره من الاحتلال الأمريكاني والتركي والانقسام المذهبي والاثني، وعلى كل سوري ان يدعم ويقاتل مع الاردن للتخلص من الهيمنة الاميركانية ومن الاتفاقية مع العدو ودعم اقتصاده، وهذا لا يكون الا في الوحدة القومية والاخاء القومي واقامة دولة او اتحاد سياسي او تفاهم سياسي اقتصادي ينظم الاقتصاد في الوطن السوري ، ويصون حق الشعب السوري بالحياة الكريمة واقامة العدل الاجتماعي والعدل الاقتصادي الحقوقي في كل الامة السورية.
وما وحدة الساحة العسكرية على كل الجبهات القتالية المفتوحة مع اليهود والاستعمار الاطلسي إلا خطوة مضيئة نحو ارتقاء الوعي الى حقيقة المصلحة القومية الواحدة.
الامين محمد عواد