كتب فخامة رئيس الجمهورية اميل لحّود لـ “صباح الخير-البناء”:
حضرة رئيس وأعضاء الحزب السوري القومي الإجتماعي
في الذكرى التسعين لتأسيس الحزب السوري القومي الإجتماعي، نتقدم منكم بأصدق الأمنيات، وأملنا أن تتجسد مبادئ هذا الحزب واقعاً، بعدما أثبتت التجارب صوابية عقيدته وصلابة القوميين وإيمانهم الراسخ بقضاياهم.
فأنتم اليوم مؤتمنون على فكر عظيم، وهو فكر الزعيم انطون سعادة، صاحب الرؤية والبُعد القومي الإستراتيجي والإنساني والإجتماعي. فإذا عدنا الى حقبة التأسيس، يوم كانت المنطقة تحت الإستعمار بشكل أو بآخر، كان سعادة ورفاقه من الثائرين السبّاقين الذين وضعوا أسس حزب إستمر طيلة هذه السنوات.
وإذ كانت لنا فرصة مرافقة هذا الحزب خلال حقبات طويلة من هذه السنوات، وبعد التجربة الشخصية، اكتشفنا أنه الحزب الأقرب لفكرنا وطموحنا ببلد يسلك مسار العلمنة، ويكون أبعد ما يكون عن الطائفية. فقد أثبتم بالممارسة أنكم حزب على امتداد كل الطوائف والمناطق، بقياداته وتركيبته، يلتزم عقيدة راسخة بعيدة عن الإعتبارات الشخصية. وفي وقت حاول البعض تصنيف اللبنانيين من خلال طوائفهم ومذاهبهم، كانت العلامة الفارقة للقوميين علمهم وثقافتهم والتزامهم مبادئ الحزب، التي تشكل مبادئ ثورية وليس فقط حزبية، فأثبتم بذلك أنكم التغيير الحقيقي على مستوى المنطقة.
وأيضاً، لا بدّ من التوقف عند ميزة قد تكون من الأهم، فأنتم من الأحزاب القليلة المتمسك بالعقيدة الراسخة المترافقة مع الحماس الذي لا ينضب في مقاومة العدو الأول وسبب مآسي ومصاعب المنطقة، وهو الكيان الصهيوني ومن لف لفيفه. فحزبكم لم يكن للحظة واحدة مستعداً للمساومة، وهذه علامة فارقة في ظل ما نعيشه اليوم، اذ تغيّرت المفاهيم في العالم العربي بأكثريته ولدى قسم من اللبنانين، فباتت الخيانة وجهة نظر وبات التطبيع مقبولاً ومستسهلاً.
كذلك، لم يتأخّر القوميون يوماً عن تلبية النداء وتقديم الشهداء كلما كان لبنان أو أي دولة من دول منطقتنا بخطر وعرضة للتهديد، وذلك منذ تأسيس الحزب وصولاً الى مؤازرة الأخوة في الجمهورية العربية السورية بمواجهة آخر منتوج إسرائيلي أميركي غربي، وهو الإرهاب التكفيري، من داعش الى جبهة النصرة.
وفي الملفات اللبنانية الداخلية، نلتقي معكم على الكثير لجهة مفهوم بناء الدولة وإدارتها ونهضة المجتمع، وأهم ما يجمعنا قانون الانتخاب الذي هو أساس النظام السياسي في لبنان. ففي وقت بات الخطاب الشعبوي السياسي يقترب من التطرف والتعصب، ما زال الإيمان والسعي نحو قانون انتخابي على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة وفق النظام النسبي، وهذا ما ننادي به جهاراً ونؤمن بأنه خلاص لبنان.
بعد تسعين عاماً، نقول بكل ثقة إن فكر سعادة وعقيدته ونهجه مستمرون بنفس الزخم والإندفاع، وقد أصبحوا جزءاً لا يتجزأ من نسيج المنطقة ككل، وهذا بحدّ ذاته بصيص أمل، فهذا الفكر هو خميرة إصلاح الإنسان والمجتمعات والأوطان. أمنيتنا أن يكون حزبكم عبرة للكثيرين، وخصوصاً في لبنان، فيكونوا روّاد نهضة بدل التقوقع والغرق بالحسابات المذهبية والطائفية التي هي أساس السمّ الذي تم ضخه في لبنان، بينما يظلّ فكركم الدواء الشافي.
كل عام وأنتم ماضون في حمل راية النهضة، وتفضلوا بقبول فائق الإحترام.
فخامة رئيس الجمهورية اميل لحّود