تحضيراً للبنيلوكس، بيئة ليبرالية هزيلة وقواعد أمريكية

تحضيراً للبنيلوكس، بيئة ليبرالية هزيلة وقواعد أمريكية

منذ سقوط المشرق والجنوب العالمي تحت سيطرة وهيمنة المتروبوليت الرأسمالية وامتداداتها الإقليمية والمحلية، مثل العدو الصهيوني، والسمة العامة لسياسة هذه القوى هي تجاوز العواصم والأطراف الحليفة والتفكير عنها وإعادة ضبطها بأشكال مختلفة كلما وجدت مساحة خاصة بها داخل التجاذبات الإقليمية والدولية.
من ذلك وبالرغم من توقيع الأردن لمعاهدة وادي عربة مع العدو الصهيوني، إلا أن هذا البلد كما غيره من حلفاء واشنطن ومعاهدي تل أبيب، آخر من يعرف عن أمور تخصه في كواليس الإمبريالية والصهيونية، ويفترض أنها من صميم سيادته، حيث تظهر التقارير السنوية لمعهد واشنطن وهرتزيليا وغيرهما كيف يناقش الصهاينة والأمريكان مستقبل الأردن وبما يتناقض مع سيادته وأمنه ويحوله إلى مادة لتصريف بضائعهم السياسية.
وقد بات واضحا أن الأردن في ضوء علاقاته الباردة مع جيرانه وفي ضوء التفكك الاجتماعي الذي أنهى الطبقة الوسطى وأنهك الطبقات الاجتماعية الفقيرة عموما تحت ضربات البنك الدولي، فقد الكثير من عوامل المناعة السياسية والاجتماعية وأصبح تحت الخطر فعلا إذا ما تحولت تداعيات غزة إلى سياسات وصفقات إقليمية.
إلى ذلك، وتحضيراً لمشروع البنيلوكس الذي اقترحه رئيس وزراء العدو الصهيوني الأسبق شمعون بيريز (مركز إسرائيلي ومحيط أردني – فلسطيني) يشكل جسراً مع المنطقة ونفط الخليج ويحول الفلسطينيين والأردنيين إلى سكان لا مواطنين، في إطار أخطر مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، فإن المسرح الأردني في السيناريو الصهيوني الأمريكي المذكور يحضر على عدة مسارات:
بيئة ليبرالية هزيلة مبرمجة لإنتاج قوى وأحزاب (ليبرالية) تربط (الحريات السياسية المزعومة) بالحرية المطلقة للسوق والخصخصة.
ومن المفهوم أن هذه البيئة وما يعد لها من تكتلات رثة مدارة وممولة من أشكال من المافيات ودوائرها المعروفة في الإقليم (الإبراهيمي) الإسرائيلي الخليجي.
القواعد الأمريكية، ترافق العقد الأول من تأسيس الإمارة بتوقيع المعاهدة الأردنية – البريطانية في شهر شباط 1928 وقد وقعها عن الجانب الأردني، رئيس الحكومة آنذاك، حسن خالد أبو الهدى (غير عائلة توفيق أبو الهدى رئيس وزراء الأسبق للأردن أيضاً).
أما عن الجانب البريطاني – فوقعها (المندوب السامي البريطاني) في فلسطين اللورد بلومر الذي خلف صموئيل في موقعه وصهيونيته.
كما ترافق العقد الأول من القرن الحالي بتوقيع اتفاقيات مع الأمريكان كشفتها وثائق الويكيليكس لاحقاً وتناولتها بشيء من التفاصيل (جريدة العرب اليوم، بتاريخ 14/9/2011).
ويبدو أن الاتفاقيات المذكورة تم توسيعها مؤخراً باسم (اتفاقية التعاون الدفاعي في شهر شباط من العام الحالي 2023) وبوسع المهتمين العودة إلى رابط الجريدة الرسمية الصفحات (1004-1019) ليطلع على تفاصيل الاتفاقية – وما تتضمنه من دخول وخروج الطرف الأمريكي من وإلى الأردن دون تأشيرات أو جوازات سفر.
وكذلك استخدام القواعد الأردنية والعديد من البنى التحتية مجاناً، وإعفائهم من الرسوم والجمارك وأية ضرائب ذات صلة، كما من أية مسؤولية جزائية في حال وقوع أحداث تستدعي ذلك، وثمة إشارة عن متابعة آثار أية نتائج (للنفايات الخطرة) مما يؤثر على احتمال استخدام أو دفن هذا النوع من النفايات.
إلى ذلك، وكما في معاهدات واتفاقيات عديدة وقعها عرب آخرون، كان السؤال وسيبقى: ما الفائدة منها ولماذا يوقعونها طالما لم تتطرق إلى الخطر الحقيقي الذي يهدد الأردن والمنطقة وهو العدو الصهيوني، بل إن رئيساً سابقاً لحكومة العدو وهو (أولمرت) اعترف بأن الأردن هو ضمن الخرائط الإسرائيلية عند معظم التيارات الصهيونية وخاصة نتنياهو.
وكان أولمرت نفسه عندما كان رئيساً للحكومة رفض الاعتذار للأردن في شباط 2006 عن تصريحات لقائد المنطقة الوسطى في جيش العدو يائير نافيه، التي قال فيها أن الأردن بلا مستقبل وعليه أن يستعد لذلك، فيما ربط الرئيس الأسبق الآخر لحكومات العدو هو بيريز مصير الأردن بتمرير مشروع البنيلوكس (مركز إسرائيلي ومحيط أردني – فلسطيني) يشكل مجالاً حيوياً لإسرائيل – ويشكل جسراً نحو الخليج والنفط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *